دروس النحو

الإعراب والبناء في علم النحو العربي

يعد درس الإعراب والبناء من الدروس الأساسية في علم النحو، وخاصة في المراحل الأولى من التعليم الجامعي في اختصاص اللغة العربية، ولذا في درسنا هذا سنعمل على شرح هذين المصطلحين بالتفصيل.

الإعراب

الإعراب لغة: هو الإفصاح والإظهار والإبانة، يقال: (أعرب الرجل عن رأيه) وذلك إذا أفصح عنه وأظهره.

الإعراب اصطلاحاً: أما الإعراب في اصطلاح النحاة فهو أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمات المعربة.

أنواع الإعراب

للإعراب ثلاثة أنواع هي: الإعراب الظاهر، والإعراب المقدر، والإعراب المحلي.

أولاً: الإعراب الظاهر أو اللفظي: وهو ما ظهرت علامته على الكلمة المعربة. وإن الحرف الذي تظهر عليه علامة الإعراب يسمى حرف الإعراب، من ذلك قولنا: ينامُ الولدُ.

فالحركتان ظهرتا على آخر الفعل وآخر الاسم.

وإذا قلنا: لن يفوز المقصر، فنرى أن حركة النصب وهي الفتحة قد ظهرت على آخر الفعل المضارع المنصوب بلن، وظهرت علامة الرفع وهي الضمة على آخر الكلمة؛ لعدم وجود مانع يمنع من ظهورها.

ثانياً: الإعراب المقدر: وهو الإعراب الذي لا يظهر فيه أثر العامل في آخر الكلمة المعربة لسببين هما: امتناع ظهوره على آخر الكلمة، وصعوبة ظهوره لثقل في اللفظ.

وقد سمي النوع الأول (التعذر) وسمي النوع الثاني (الثقل). ولا يكون الإعراب التقديري إلا إذا وجدت علة صوتية تمنع ظهور الحركة الإعرابية، ولا يكون إلا في المواضع الآتية:

١ –الكلمات المعربة المعتلة الآخر: نحو قوله تعالى: {قل إن الهدى هدى الله}، فالكلمة الأولى (الهدى): اسم إن منصوب، ولكن الألف تمنع ظهور الفتحة عليها ويتعذر ذلك، والكلمة الثانية (هدى): خبر إن مرفوع، والألف المقصورة يتعذر ظهور الحركة الإعرابية عليها.

٢ –الكلمات المعربة المنتهية بواو أو ياء: نحو: يسمو المرء بأخلاقه الحميدة، ويجني الكسول على نفسه.

فالفعل (يسمو) آخره واو ويثقل على اللسان إظهار الضمة عليها، وكذلك الفعل (يجني) يثقل على اللسان التلفظ بحركة الإعراب وهي الضمة، لذلك يقال فيهما: مرفوعان وعلامة رفعهما ضمة مقدرة للثقل.

٣ –الاسم المضاف إلى ياء المتكلم: وحركة الإعراب لا تظهر عليه؛ لأن حرف الإعراب (آخر الكلمة) فيه حلت الكسرة المناسبة للياء محل حركة الإعراب، فيقال: في مثل قولنا: خذ كتابي.

كتابي: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منه من ظهورها اشتغال المحل بحركة الكسرة المناسبة للياء.

٤ –المعرب المحكي: والمقصود بالمحكي نقل الكلام كما هو في صيغته الأولى واستعماله استعمالاً جديداً، مثال ذلك قول رؤبة بن العجّاج:

نُـبِّـئْـتُ أَخْـوَالِـي بَـنِـي يَـزِيـدُ * ظُـلْـمَـاً عَـلَـيـنَـا لَـهُـمْ فَـدِيـدُ

فكلمة (يزيد) على صيغة المضارع، ولكن سميت بها قبيلة فنقلت من صيغة الفعل المضارع إلى الاسم. ويلاحظ ههنا أن علامة رفع الفعل المضارع ما زالت ظاهرة، وفيه: فاعل مستتر، وإعراب هذه الكلمة (مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة، منع من ظهورها حركة الحكاية الأصلية، وهي هنا الضمة).

فالكلمة المحكية هي الكلمة المنقولة كما هي، ودون تغيير من استعمال إلى آخر.

ومن قولنا: (كتب: فعل ماض)، فالفعل (كتب) يعرب في هذه الصيغة: مبتدأً مرفوعاً وعلامة رفعه الضمة المقدرة، منع من ظهورها حركة الحكاية وهي الفتحة.

ومنه قولنا: قرأت قصيدة تأبطَ شراً.

فالتركيب (تأبط شراً) هو في الأساس فعل وفاعل مستتر ومفعول به.

ولكنه ههنا استُعمل استعمال اسم واحد، لذا يقال في إعرابه: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية الأصلية.

ثـالـثـاً: الإعـراب الـمـحـلـي: الـمـقـصـود بـه أن الـكـلـمـة الـمـبـنـيـة الـتـي وقـعـت بـعـد عـامـلِ نـصـب أو رفـع أو جـزم تـبـقـى عـلـى حـالـهـا مـن عـدم الـتـأثـر بـالـعـامـل، ولو استبدلنا بها كلمة معربة (اسماً أو فعلاً) لظهر تأثرها بالعامل، وظهرت عليها علامة الإعراب من رفع أو نصب أو جر أو جزم. ولـذلـك يـكـون الإعـراب الـمـحـلـي مُـنْـصَـبّـاً عـلـى الـكـلـمـة كـلـهـا أو عـلـى الـجـمـلـة كـلـهـا، لا عـلـى الـحـرف الأخـيـر الـذي هـو مـحـل الإعـراب. ونـمـثـل لـذلـك بـقـولـه تـعـالـى: {يـا أيـهـا الـذيـن آمـنـوا إن جـاءكـم فـاســـق بـنـبـأ فـتـبـيـنـوا أن تـصـيـبـوا قـومـاً بـجـهـالـة فـتـصـبـحـوا عـلـى مـا فـعـلـتـم نـادمـيـن}.

فمعلوم لدينا أن حرف الشرط (إنْ) يجزم فعلين مضارعين، ولكن ما تلاه في الآية إنما الفعل الماضي (جاء) وهو مبني أخذ محل الـفـعـل الـمـضـارع الـذي يـلـي حـرف الـشـــرط الـجـازم (إنْ) أصـــلاً، ومـع ذلـك بـقـيـت حـركـة الـبـنـاء فـي الـفـعـل (جـاء) كـمـا هـي لـم تـتـغـيـر. ولـكـن لـو أتينا بفعل مضارع بمعنى (جاء) فقيل: (إن يجئ) لظهرت علامة الجزم.

ويكون الإعراب محلياً في المواضع الآتية:

أ –الجمل ذات المحل: معلوم أن الجملة إذا أمكن تأويلها بمفرد يحل محلها كانت ذات محل من الإعراب، وهي تأخذ إعراب هذا الاسم الذي يحل محلها. ففي قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها} تكون جملة (لا يستحيي) + (الفاعل المستتر هو) في محل رفع خبر لـ (إنَّ) الناسخة. فلو أننا وضعنا اسماً على آخره علامة الإعراب كأن نقدره (غير مستحيٍ) لكان خبراً مرفوعاً، ولكن الجملة من الفعل والفاعل حلت محله، فأخذ محل إعرابه.

وفي قوله تعالى: {وجاؤوا أباءهم عشاء يبكون} تعرب جملة (يبكون) فعلية في محل نصب حال، فلو أحللنا محلها اسماً هو (باكين) لكان حالاً منصوبة، وعلامة نصبها الياء؛ لأنها جمع مذكر سالم.

ب –المصدر المؤول: وهو المصدر المسبوك من حرف مصدري وفعل بعده، كما في الأحرف المصدرية: (أن، كي، ما، لو)، أو من (أنَّ) المفتوحة الهمزة المشددة النون واسمها وخبرها. ومثال ذلك قوله تعالى: {وأنْ يستعففنَ خير لهن}، وقوله: {وأنْ تعفو أقرب للتقوى}، فمن (أنْ) الناصبة والفعل (يستعففن) أو (تعفو) ينسبك مصدر مؤول، وهو شبيه بالجملة في استحالة ظهور علامة إعراب على آخره، لذلك نستخلص مصدراً نسميه مصدراً مؤولاً على النحو الآتي: الاستعفاف خير لهن، والعفو أقرب للتقوى.

ت –الاسم المجرور بحرف جر زائد: ويراد بحرف الجر الزائد أنه حرف يعمل عملاً لفظياً في الاسم الذي يليه، إلا أنه يبقى للاسم محله الأصلي، ولهذه الزيادة غاية معنوية هي التوكيد، ففي قوله تعالى: {أليس الله بكاف عبده}، جاءت الباء حرف جر زائداً، وهي عاملة في لفظ الاسم فقط، ومحله باق وهو خبراً لـ ليس، وإعرابه: اسم مجرور لفظاًن منصوب محلاً، على أنه خبر ليس.

حالات الإعراب

١ –الرفع: يعم الفعل المضارع، والأسماء المُعْرَبَةَ، نحو: (يدرسُ) و(العلمُ نافعٌ)، فلا نقول في إعراب (يدرس) فعل مضارع مبني على الضم، وإنما نقول: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهذا لأنه معرب، فهو يصبح منصوباً إذا سبق بحرف ناصب.

٢ –النصب: يعم الفعل المضارع، والأسماء المعربة، نحو: (لن يرسبَ)، و(إن زيداً قائمٌ).

٣ –الجر: وهو يخص الأسماء؛ فلا يدخل على غيرها، مثال: إلى المدرسةِ.

٤ –الجزم: يخص الفعل المضارع المسبوق بحرف جازم، نحو: لم يرسبْ.

علامات الإعراب

١ –الإعراب بالحركة: وهي الضمة، والكسرة، والفتحة، نحو: يسافرُ، مسافرٌ، لن يسافرَ، إلى البيتِ.

٢ –الإعراب بالحرف: وهي ألف ونون، واو ونون، ياء ونون.

٣ –الإعراب بالحذف: وهو حذف الحركة، أو حذف الحرف (النون، وحرف العلة).

البناء

البناء لغة: ضـم الـشـــيء بـعـضـه إلـى بـعـضٍ.

البناء في اصطلاح النحاة: هو ثبوت آخر الكلمة على حالة واحدة رغم اختلاف العوامل المؤثرة فيها ورغم موضعها من الإعراب، فكأن هذه الكلمة هي البناء الثابت الذي لا يتغير على اختلاف عوامل الطبيعة المؤثرة عليه.

وإن للإعراب والبناء صلةً بالعوامل، فالمعرب هو الذي يتأثر بالعوامل؛ فتتغير حركة آخره،

نحو: (زيد)، من قولنا: جاء زيدٌ، ورأيت زيداً، ومررت بزيدٍ.

ومثل الفعل المضارع في قولنا: يحترمُ الناسُ الكريمَ الذي لم يفعلْ شراً ولن يفكرَ بسوء.

والمبني هو الذي يتأثر موضعه بالعوامل، ولكن آخره لا يتغير بل يكون إعرابه محلياً، نحو: (حذامِ) من قولنا: (اشتهرت حذامِ بصدقها، وذكر المؤرخون حذامِ، وقرات أخبار حذامِ)، فهنا الاسم مبني على الكسر في محل رفع فاعل، ونصب مفعول به، وجر بالإضافة على الترتيب.

الـمـبـنـيـات

-الـحـروف كـلـهـا.

-الـفـعـل الـمـاضــي وفـعـل الأمـر.

-الفعل المضارع المقترن بإحدى نوني التوكيد أو بنون النسوة.

-بعض الأسماء.

أنواع البناء

١ –البناء على السكون: يعم الحرف، وفعل الأمر والفعل المضارع المتصل بنون النسوة، واسم الفعل.

٢ –البناء على الضم: يشمل الفعل الماضي، والظروف المنقطعة عن الإضافة، نحو حيثُ وقبلُ.

٣ –البناء على الكسر، نحو: هؤلاءِ، هذهِ، دراكِ، بسمِ الله.

٤ –البناء على الفتح، نحو: أينَ، أحدَ عشرَ، والفعل المتصل بنون التوكيد، نحو: ليَكْتُبَنَّ.

علامات البناء

الضم، والفتح، والكسر، والسكون، وحذف حرف العلة في فعل الأمر المعتل الآخر، وحذف النون من فعل الأمر المقترن بواو الجماعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى