دروس النحو

الخبر في اللغة العربية وصوره وأحكامه

الخبر هو الجزء الذي تتم به الفائدة مع مبتدأ غير الوصف المكتفي بمرفوعه.

صور الخبر

يأتي الخبر مفرداً وجملة وشبه جملة.

أ –الخبر المفرد

وهو ما لم يكن جملة أو شبه جملة، نحو: (المُجِدُّ فائزٌ)، (الصدق والوفاء محمودان)، (الفدائيون أوفياء).

فالكلمات: فائز، ومحمودان، وأوفياء، هي أخبار لما قبلها على التوالي.

والخبر المفرد قد يأتي مشتقاً أو جامداً.

ب –الخبر الجملة

  • ما كان جملة فعلية، نحو: الطائر (يغرد) في الصباح المشرق.
  • أو جملة اسمية، نحو: العلم (طريقه طويل).

والخبر الجملة اسمية أو فعلية هو نوعان:

الأول: ما كان المبتدأَ نفسَه في المعنى فلا يحتاج إلى رابط يربطه بالمبتدأ؛ لأنه عينه، نحو: (قولي: الجِدُّ طريقُ النجاحِ).

فهنا المبتدأ هو جملة الخبر نفسها، وتقدير الكلام: (قولي هو الجد طريق النجاح).

ونحو: (رأيي: الإباءُ شيمةُ العربِ).

فهنا كلمة رأيي تعرب مبتدأً، والإباء: مبتدأ ثان، شيمة: خبر للمبتدأ الإباء. وجملة (الإباء شيمة العرب) في محل رفع خبر للمبتدأ رأيي.

وليس في هذين المثالين رابط يعود إلى المبتدأ؛ لأنها نفسه في المعنى.

الثاني: ما كان مغايراً للمبتدأ في المعنى، نحو: النضال طريقه وعر، والمناضل يبذل دمه مغتبطاً.

فجملة طريقه وعر: خبر للمبتدأ النضال، وجملة يبذل دمه: خبر للمبتدأ المناضل، والرابط في الجملتين كلتيهما هو الضمير.

ولا بد في هذا الخبر الجملة من رابط يعود إلى المبتدأ؛ حتى لا تكون أجنبية عنه، والروابط متعدد أبرزها:

  • الضمير: وهو الأصل، وقد يكون ظاهراً، نحو: (الفلاح جهده متواصل) أو مستتراً، نحو: (أنت تكرم إخوانك)، أو مقدراً، نحو: (العلم الصحيح: القليل يفيد والكثير يبني الأمم). فالرابط هنا مقدر، والأصل القليل منه يفيد، والكثير منه… والهاء هي الرابط.
  • الإشارة إلى المبتدأ، نحو: (الظَّفَرُ ذلك أمل المناضلين)، ونحو قوله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيرٌ}، وهذا على إعراب اسم الإشارة مبتدأ ثانياً وجملته مع خبره خبر للأول.
  • إعادة المبتدأ بلفظه، كقوله تعالى: {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ}، أو إعادته بمعناه، نحو: (السيفُ ما الصارمُ)، ونحو: (عمرُ مَنِ الفاروقُ؟) فاسم الاستفهام في الجمل الثلاث في محل رفع مبتدأ، والاسم بعده الخبر، والجملة خبر للمبتدأ الأول، والغاية من إعادة المبتدأ التهويل أو التعظيم.
  • أن يكون في جملة الخبر ما يدل على عموم يشمل المبتدأ وغيره، مثل: (خالدٌ نِعْمَ القائدُ)، والضمير هو الرابط المطرد، وما سواه خلف عنه. ففي المثال: ال التعريف في القائد هي ال جنسية؛ فكلمة القائد تشمل خالداً وغيره، والرابط هو العموم.

ج –الخبر شبه الجملة

ويراد بشبه الجملة الظرفُ والجارُّ والمجرور التامان، نحو: (العملُ شتاءً، وقطفُ الثمرةِ صيفاً)، (الخلقُ الكريمُ عندَكَ)، (زيدٌ في دارِهِ).

تنبيه: يجوز تعليق الظرف أو الجار والمجرور بفعل محذوف تقديره: يكون أو استقر، ويكون الخبر حينئذ جملة، أو يعلق بخبر مفرد محذوف تقديره: كائن أو مستقر، وهو الأرجح والأفضل. ومن النحاة من يَعُدُّ الظرف أو الجار والمجرور هو الخبر فلا يحتاج إلى تعليق، فنقول: في داره: جار ومجرور في محل رفع خبر للمبتدأ.

ويجوز الإخبار بأسماء المكان عن كل من:

  • أسماء الذات، نحو: (طريقُ النجاحِ أمامَكم).
  • أسماء المعنى، مثل: (الحق معك).

أما أسماء الزمان فيُخْبَرُ بها عن أسماء المعاني، نحو: (السَّفرُ غداً، والعودةُ بعدَ غدٍ).

والأصل في القضية كلها الإفادة؛ فلا يقال: (زيد مكاناً ولا السفر زماناً)، وقد يُخْبَرُ عن أسماء الذات بالزمان إن حصلت الفائدة، كقولنا: (الورد في أيار، والليلة الهلال).

أحكام الخبر

١ –وجوب الرفع ومطابقته للمبتدأ إفراداً وتثنية وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً.

٢ –الأصل في الخبر التأخير عن المبتدأ، وقد يتقدم عليه جوازاً؛ إن لم يمنع من ذلك مانع، كقولنا: قائمٌ زيدٌ، وناضجٌ العنبٌ.

ويتأخر الخبر وجوباً في أربعة مواضع:

الأول: إذا خُشِيَ التباسه بالمبتدأ بأن كانا متساويين دون قرينة تُعَيِّنُ أحدهما، نحو: (أخي شريكي).

فهنا: (أخي شريكي) متساويان في التعريف، وكل منهما يصلح مبتدأً وخبراً، ولذا المبتدأ هو الأول حتماً.

فإن وجدت قرينة جاز التقديم، نحو: (رجلٌ صالحٌ حاضرٌ) أو (حاضرٌ رجلٌ صالحٌ).

فالقرينة الدالة على المبتدأ هي الوصف (صالح)، ولذا جاز تقديم الخبر أو تأخيره دون لبس.

الثاني: إن خشي التباسه بالفاعل، وذلك إن كان خبره جملة فعلية فاعلها مستتر أو عائد إلى المبتدأ، نحو: (المُجِدُّ ينجحُ)، فلو أخرنا (المجد) إلى ما بعد الفعل لأُعْرِبَ فاعلاً وانقلبت الجملة إلى فعلية، ونحن نريدها اسمية.

الثالث: أن يكون الخبر محصوراً فيه المبتدأ؛ أي مقترناً بإلا لفظاً، نحو قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}، أو مقترناً معنى، كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ}، ورتبة المحصور فيه التأخير.

الرابع: أن يكون المبتدأ مستحقاً للصدارة بنفسه مثل:

  • أسماء الشرط، نحو: ومَنْ هابَ أسبابَ المنايا يَنَلْنَهُ.
  • أو الاستفهام، نحو: مَنِ الطارقُ؟
  • أو ما التعجبية، نحو: ما أكرَمَ التَّبرُّعَ للفقراءِ.
  • أو كم الخبرية، نحو: كم طالبٍ تعب في هذه السنة.

وقد يستحق المبتدأ الصدارة بغيره؛ كأن تتصل به لام الابتداء، نحو: (لأنتَ كريمُ النَّفْسِ)، أو يضاف إلى لفظ مما سبق، نحو: (غلامُ مَنِ الطَّارقُ؟)، (غلامُ أيِّ صديقٍ تساعِدْهُ أساعِدْهُ).

فغلام الأول أضيف إلى اسم الاستفهام؛ فاستحق الصدارة به، والثاني أضيف إلى اسم الشرط (أي)؛ فاستحق الصدارة به أيضاً.

وقد يعامل اسم الموصول معاملة اسم الشرط؛ فيُحْمَلُ عليه في استحقاقه للصدارة في جملته، نحو: (الذي يدرسُ فَلَهُ مكافأةٌ) فالموصول أَشْبَهَ الشرطَ بأنَّ معناه عامٌّ وفعلُهُ مستقَبَلٌ وسببٌ في المكافأةِ، فكأننا قلنا: (مَنْ يدرسْ فَلَهُ مكافأةٌ).

٣ –يتقدم الخبر على المبتدأ وجوباً في أربعة مواضع:

الأول: أن يكون الخبر مستحقاً للصدارة، كأسماء الاستفهام، نحو: (كيف أنت؟)، أو مضافاً إلى مستحق الصدارة، نحو: (صاحبُ أيِّ كتابٍ أنتَ).

الثاني: أن يوقع تأخيره في لبس ظاهر، كالمبتدأ النكرة المحضة التي يخبر عنها بظرف أو جار ومجرور متقدمين عليها، نحو: (عندنا ضيف وفي حَيِّنَا بَطَلٌ)، وهذا التقديم هو المسوغ للابتداء بالنكرة، ولو أخرنا الخبر فقلنا: (ضيف عندنا وبطل في حيينا) لبقي الكلام مفتقراً إلى تتمة، والتبس الخبر بالصفة.

الثالث: أن يكون الخبر محصوراً في المبتدأ، فيقترن المبتدأ بإلا لفظاً أو معنى، نحو: (ما في القاعة إلا المجدون)، (إنما في القاعة المجدون).

الرابع: أن يتصل بالمبتدأ ضمير يعود إلى بعض الخبر، كقولنا: (في ساحة الحرب أبطالُها)، وكقوله تعالى: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.

فهنا لو قُدِّمَ المبتدأ (أبطالها)؛ لعاد الضمير (ها) إلى جزء من الخبر (ساحة) وهو متأخر لفظاً ورتبة، والضمير لا يعود إلا إلى متقدم في اللفظ والرتبة أو في أحدهما، وقد عاد هنا إلى (الساحة) وهو متقدم في اللفظ وإن كان متأخراً في الرتبة.

٤ –يحذف الخبر جوازاً إذا دل عليه دليل ولم يمنع من حذفه مانع، كقولنا: (خرجْتُ فإذا زيدٌ) أي حاضر، وكقولنا: (زيد) لمن سأل: مَنْ عندك؟ والتقدير: زيد عندي.

ويحذف الخبر وجوباً في أربعة مواضع:

الأول: أن يكون الخبر كوناً عاماً، والمبتدأ واقع بعد (لولا)، نحو: (لولا حبُّ الوطنِ لقاتلَ الناسُ بعضَهم).

فالمبتدأ هنا (حب) والخبر محذوف وجوباً تقديره كائن أو موجود، وجملة (لقاتل الناس بعضهم) جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب.

فإن كان الخبر كوناً مقيداً؛ ففيه ما يلي:

  • وجب ذكره إن فُقِدَ الدليل عليه، نحو: (لولا العدوُّ سَالَمَنَا ما سَلِمَ). فهنا الخبر هو جملة (سالمنا) الدالة على وجود العدو على صفة خاصة هي المسالمة فهو كون مقيد، ولو حُذِفَ الخبر لما دل عليه في الكلام دليل، ولذا كان ذكره واجباً.
  • وجاز ذكره وحذفه إن وُجِدَ دليل، نحو: (لولا أنصارُ الضعيفِ ما سَلِمَ)، أو (لولا أنصار الضعيف حَمَوهُ ما سلم).

الثاني: أن يكون المبتدأ صريحاً في القسم، نحو: (لَعَمْرُكَ لَأَفْعَلَنَّ الْمَعْرُوفَ)، ومعنى صريحاً في القسم: أي يغلب استعماله في القسم فيدرك السامع أنه للقسم قبل أن يسمع القسم.

فإن لم يكن صريحاً في القسم؛ جاز ذكر الخبر وحذفه، نحو: (عهدَ اللَّهِ لأفعلنَّ المعروفَ).

فكلمة عهد تستعمل كثيراً في غير القسم، نحو: (إن العهد كان مسؤولاً، حافظ على عهدك)، ولذا أجازوا معه ذكر الخبر وحذفه إن استُعمل في القسم.

الثالث: أن يُعْطَفَ على المبتدأ بواو هي نَصٌّ في المعية، نحو: (كُلُّ عاملٍ وعملُهُ) و(كلُّ عالِمٍ وما عَلِمَ)، وتقدير الخبر (مقترنان)، فإن لم تكن الواو نصاً في المعية جاز الذكر والحذف، كقول الفرزدق:

تَمَنَّوا لِيَ الْمَوتَ الَّذِي يَشْعَبُ الْفَتَى … وَكُلُّ امْرِئٍ وَالْمَوتُ يَلْتَقِيَانِ

الشاهد: جواز ذكر الخبر بعد واو ليست نصاً في المعية؛ لأن المرء يلتقي بالموت مرة واحدة ولا يقترنان فلا يفترق الواحد منهما عن الآخر.

الرابع: أن يكون المبتدأ واحداً من ثلاث هي:

  • مصدراً عاملاً وبعده حال لا تصلح أن تكون خبراً، نحو: (قِرَاءَتِي الدَّرْسَ مُبَكِّراً).
  • اسماً مضافاً لهذا المصدر العامل صريحاً، نحو: (أَفْضَلُ بِذَلِكَ الْمَعْرُوفَ صَامِتاً).
  • اسماً مضافاً لهذا المصدر العامل مؤولاً، نحو: (أَكْثَرُ مَا أُلْقِي الدَّرْسَ وَاقِفاً). فإن كانت الحال صالحة للإخبار عن المبتدأ؛ وجب رفعها وجعلها خبراً، نحو: (تأديبي المذنبَ شديدٌ)، وما ورد خلاف ذلك شاذ.

٥ –يجوز تعدد الخبر، نحو: (زيدٌ ناثرٌ شاعرٌ)، و(بلدُنا زراعيٌّ صناعيٌّ).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى