دروس النحو

الاشتغال: تعريفه وأحكام الاسم المشتَغَل عنه

الاشتغال هو أن يتقدم اسم ويتأخر عنه عامل اشتغل بنصبه لضمير ذلك الاسم أو لمُلابس ضميره عن نصبه للاسم المتقدم نفسه، بحيث لو تفرغ له لنصبه.

نحو: (الكتابَ قرأته)، و(سعداً أكرمت أخاه).

ومعنى التعريف: أن يتقدم اسم وهو (الكتابَ، وسعداً) ويتأخر عنه عامل وهو (قرأت، وأكرمت) اشتغل بنصب ضمير عائد على الاسم المتقدم وهو (الهاء في قرأته، وأخاه)، وهذا العامل اشتغل عن نصب (الكتابَ، وسعداً) فنصب الهاء، ولو تقدم هذا العامل لنصب (الكتابَ، وسعداً).

ويتبين من التعريف السابق أن الاشتغال لا بد فيه من:

  • تقدم اسم يسمى (المُشْتَغَل عنه)، وهو في المثالين السابقين (الكتاب، وسعداً).
  • عامل متأخر عن الاسم، صالح للعمل في الاسم المتقدم لو لم يعمل فيما بعده، وهو في المثالين السابقين (قرأت، وأكرم)، ويسمى (المُشْتَغِل).
  • ضمير واقع موقع النصب وعائد للاسم المتقدم، أو اسم منصوب متصل بضمير عائد للاسم المتقدم (الهاء في قرأته، وأخاه) ويسمى (المُشْتَغَل به).

ويجوز في الاسم المشتَغَل عنه وجهان:

١ –الرفع على أنه مبتدأ، والجملة بعده خبر له، وهو وجه راجح لعده حاجته إلى التقدير.

٢ –النصب بفعل محذوف وجوباً؛ لأن المذكور عوض عنه، والعوض والمعوض عنه لا يجتمعان، والتقدير في الجملتين اللتين ذكرناهما في بداية الدرس: (قرأتُ الكتابَ قرأتُهُ، سَرَرْتُ سعداً أكرمت أخاه)، وجملة الفعل المذكور (أكرمت) فعلية تفسيرية لا محل لها من الإعراب.

لا بد لصحة الاشتغال من علاقة تربط بين العامل المتأخر والاسم المتقدم المشتغل عنه، وهذه الرابطة تكون:

أ –بضمير الاسم المتقدم والمتصل بالفعل، نحو: (الصديقَ زرتُهُ)، أو المنفصل عنه بحرف الجر أو المضاف، نحو: (زيداً مررت به، وسعداً أكرِمْ أخاه).

ب –بضمير المنفصل عنه بأجنبي متبوع بنعت، نحو: (زيداً أكرمتُ رجلاً يحبه) أو متبوع بعطف بيان، نحو: (خالداً أدبت سعداً أخاه)، أو معطوف بالواو، نحو: (قيساً قرأت شعراً كثيراً وديوانه).

فإن تعدى الفعل إلى الضمير بنفسه؛ قَدَّرْنا المحذوف من جنس الفعل المذكور، نحو (الأرواحَ قدمناها للمعركة)، والتقدير: قدمنا الأرواح قدمناها.

وإن فُصِلَ عنه بأي فاصل مما ذُكِرَ قدرنا المحذوف فعلاً يصح به المعنى ويكون ناصباً بنفسه، نحو: (زيداً مررت به) والتقدير: جاوزت زيداً مررت به، (خالداً ضربت أخاه) والتقدير: أهنت خالداً ضربت أخاه، (قيساً قرأت شعراً وديوانه) والتقدير: خالطت قيساً قرأت شعراً وديوانه.

اقرأ أيضاً: المفعول به: تعريفه وأنواعه وأحكامه والعامل فيه

أحكام المشتَغَل عنه (الاسم المتقدم)

الأصل في الاسم المتقدم جواز رفعه على الابتداء أو نصبه على الاشتغال كما قدمنا، وقد يكو ن النصب واجباً أو راجحاً أو ممتنعاً.

فالنصب واجب إذا وقع الاسم بعد ما يختص بالدخول على الأفعال، مثل:

أ –أدوات التخضيض، نحو: (هَلَّا عَمَلَك أَتْقَنْتَهُ).

ب –أدوات الشرط، نحو: (حيثما صَديقَكَ لقيتَهُ فأحسن تحيَّته).

ج –أدوات الاستفهام ما عدا الهمزة، نحو: (متى عَمراً لقيتَه؟) و(هل واجبَك أدَّيتَه؟).

ويترجح النصب ويجوز الرفع في الأحوال التالية:

١ –أن يكون الفعل طلباً كـ:

  • الأمر، نحو: (أباك أطعه).
  • الدعاء، نحو: (اللهم عبدك ارحمه)، وقد يأتي الدعاء بلفظ الخبر، نحو: (زيداً غفر الله له)، والتقدير: رحم الله زيداً غفر له.

٢ –أن يقترن الفعل بـ (اللام أو لا) الطلبيتين، نحو: (الوطنَ لِيَحْمِهِ أبناؤُهُ)، و(عهدَكَ لا تَخْفِرْهُ).

٣ –أن يأتي الاسم بعد شيء يغلب دخوله على الأفعال كـ:

  • الهمزة، مثل قوله تعالى: {أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ}، (سورة القمر: ٢٤).
  • (ما، وإن) النافيات، نحو: (ما زيداً رأيته، وإن عمراً أغضبته).
  • (حيث) إن لم تتصل بها (ما)، نحو: (حيث زيداً تلقاه فأكرمه)، فإن اتصلت بها (ما) صارت أداة شرط واختصت بالفعل ووجب النصب بعدها.

٤ –أن يكون الاسم جواباً لاستفهام وقع فيه موقع النصب، كقولنا: (زيداً أكرمتُهُ) جواباً لمن سأل: من أكرمتَ؟

اقرأ أيضاً: التنازع في النحو: تعريفه وأحكامه

ويجب الرفع في كل موضع يأتي فيه الاسم قبل ما لا يصلح للعمل فيما قبله، نحو: (زيدٌ الذي زرته)، (النجاحُ يوم تدركه تفرح)، (خرجتُ فإذا زيدٌ يدعوه عمرو إلى داره) لأن الصلة لا تعمل فيما قبل الموصول كما في المثال الأول، والمضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف كما في المثال الثاني، وإذا الفجائية مختصة بالابتداء كما في المثال الثالث، فكلها لا يصلح ما بعدها للعمل فيما قبلها فلا يصلح مفسِّراً ولا يصح معه الاشتغال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى