دروس النحو

لا النافية للجنس العاملة عمل إنَّ

أُلْحِقَتْ (لا) النافية للجنس بـ (إنَّ) المشبهة بالفعل في العمل؛ لأنهما للتوكيد. فـ (لا) لتوكيد النفي و(إنَّ) لتوكيد الإثبات، والعرب قد يحملون الشيء على نظيره كما يحملونه أيضاً على نقيضه.

شروط إعمال (لا) عمل (إنَّ)

يشترط في إعمال (لا) عمل (إنَّ) ما يلي:

١ –أن تكون نافية للجنس نصاً.

٢ –أن يكون اسمها وخبرها نكرتين.

٣ –أن يتصل اسمها بها؛ فلا يَفْصِلُ بينهما فاصل.

٤ –ألا يدخل عليها حرف الجر.

فإن كانت نافية للوحدة أو كانت محتملة لنفي الوحدة أو الجنس عملت عمل (ليس)، نحو: (لا رَجُلٌ في الدَّارِ بلْ رجلانِ).

وإن كان اسمها معرفة أو انفصل عنها أُهْمِلَتْ ووجب عند الأكثرين تكرارها، كقولنا: (لا زيدٌ في الدَّارِ ولا عمروٌ). وكقوله تعالى: {لَا فِيهَا غَولٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ}، سورة الصافات: ٤٧.

وإن اتصل بها حرف جر فإنه يجر النكرة، نحو: (سافرتُ بلا زادٍ).

أحكام اسم لا النافية للجنس

١ –إن جاء الاسم مفرداً؛ أي غير مضاف ولا شبيه بالمضاف، بُنِيَ على ما ينصب به؛ أي بني على الفتح إن كان مفرداً (غير مثنى ولا جمع) أو كان جمع تكسير، كقول النابغة:

وَلَا عَيبَ فِيهِمْ غَيرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ … بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ

الشاهد: مجيء اسم (لا) مفرداً مبنياً على ما ينصب به، والاسم هو (عيب).

-ويبنى على الياء في محل نصب إن كان مثنى أو جمع مذكر سالماً أو ملحقاً بهذا الجمع، كقول الشاعر:

تَعَزَّ فَلَا إِلْفَينِ بِالْعَيشِ مُتِّعَا … وَلَكِنْ لِوَرَّادِ الْمَنُونِ تَتَابُعُ

فكلمة إلفين: اسم لا النافية للجنس، مبني على الياء، في محل نصب. والشاهد فيه: مجيء اسم لا النافية للجنس مفرداً غير مضاف ولا شبيه بالمضاف، وبناؤه على ما ينصب به. وفي البيت شاهد آخر هو تخفيف (لكن) وإبطال عملها.

وكقول شاعر آخر:

يُحْشَرُ النَّاسُ لَا بَنِينَ وَلَا آ … بَاءَ إِلَّا وَقَدْ عَنَتْهُمْ شُؤُون

الشاهد: مجيء اسم لا مفرداً مبنياً على ما ينصب به، فهو مبني على الياء في محل نصب، في قوله (بنين)؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، ومبني على الفتح في محل نصب في قوله (آباء).

-ويبنى على الفتح أو على الكسر في محل نصب إن كان جمعاً بألف وتاء مزيدتين، كقول الشاعر:

إِنَّ الشَّبَابَ الَّذِي مَجْدٌ عَوَاقِبُهُ … فِيهِ نَلَذُّ وَلَا لَذَاتَ لِلشَّيبِ

وفي رواية ولا لذاتِ.

الشاهد في البيت مجيء اسم لا النافية للجنس جمعاً بألف وتاء مزيدتين (لذات) فبني على الكسر أو على الفتح في محل نصب، وقد وردت الروايتان.

وبناء اسم لا على الكسر في محل نصب أكثر. وعلة البناء في ذلك كله تركيب (لا) مع اسمها تركيب خمسة عشر، أو تَضَمُّنُ معنى (مِن) التي تفيد استغراق الجنس، والاسم يبنى إذا تضمن معنى الحرف.

٢ –إن جاء الاسم مضافاً أو شبيهاً بالمضاف أُعْرِبَ ولم يُبْنَ، كقولنا: (لا رجلَ سَوءٍ بينَنَا)، و (لا قبيحاً بفعلِهِ محمودٌ)، و (لا كريماً في خُلِقِهِ منبوذٌ).

٣ –إذا كُرِّرَتْ (لا) مع العطف جاز فيها وفيما بعدها وجوه:

  • بناء الاسمين على إعمال (لا) عمل (إن) في الموضعين، نحو: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.
  • رفعهما على الابتداء بإهمال (لا)، أو على إعمالها عمل (ليس)، أو بعطف الثاني على محل (لا) مع اسمها الذي هو الابتداء عند سيبويه. وتكون (لا) الثانية زائدة لتوكيد النفي، كقول عبيد بن حصين الراعي النميري:

وَمَا هَجَرْتُكِ حَتَّى قُلْتِ مُعْلِنَةً … لَا نَاقَةٌ لِي فِي هَذَا وَلَا جَمَلُ

  • بناء الأول على الفتح ورفع الثاني على أحد الوجوه السابقة، كقول الشاعر:

هَذَا لَعَمْرُكُمُ الصَّغَارُ بِعَينِهِ … لَا أُمَّ لِي إِنْ كَانَ ذَاكَ وَلَا أَبُ

الشاهد: تكرار (لا) مع العطف وجواز بناء الاسم ورفع الثاني (أب).

  • رفع الأول وبناء الثاني على الفتح، كقول أمية بن أبي الصلت:

فَلَا لَغْوٌ وَلَا تَأْثِيمَ فِيهَا … وَمَا فَاهُوا بِهِ أَبَداً مُقِيمُ

الشاهد: إهمال (لا) الأولى ورفع ما بعدها على الابتداء، أو إعمالها عمل (ليس)، وإعمال الثانية عمل (إنَّ) ومجيء اسمها مبنياً في محل نصب.

  • بناء الأول على الفتح ونصب الثاني بالعطف على محل اسم (لا) الأولى، وهو أضعف الوجوه حتى خصه جماعة بالضرورة، كقول أنس بن عباس بن مرداس:

لَا نَسَبَ الْيَومَ وَلَا خُلَّةً … اتَّسَعَ الْخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ

فإن عطفنا ولم نكرر (لا)، كقول الشاعر:

فَلَا أَبَ وَابْناً مِثْلَ مَرْوَانَ وَابْنِهِ … إِذَا هُوَ بِالْمَجْدِ ارْتَدَى وَتَأَزَّرَا

وجب فتح اسم (لا) وجاز في المعطوف الرفع بالعطف على محل (لا) مع اسمها، والنصب بالعطف على محل اسم (لا)، أي: فلا أبَ وابنٌ أو ابناً.

الشاهد في هذا البيت: جواز الرفع والنصب في المعطوف بعد (لا) إذا لم تكرر.

٤ –إذا جاء الاسم نكرة مبنية ووصفت بمفرد متصل بها، نحو: (لا تلميذ كسول في القاعة) جاز في الصفة ثلاثة أوجه:

  • البناء على الفتح باعتبار الصفة ركبت مع الموصوف قبل دخول (لا).
  • النصب مراعاة لمحل اسم (لا)، نحو: (لا تلميذَ كسولاً في القاعة).
  • الرفع مراعاة لمحل (لا) مع اسمها وهو الابتداء، نحو: (لا تلميذَ كسولٌ في القاعة). فإن فُقِدَ في الصفة الإفراد أو الاتصال بالموصوف امتنع البناء على الفتح، وجاز النصب والرفع على الوجهين السابقين، نحو: (لا عاملَ مهضوماً حقُّهُ أو مهضومٌ حقه عندنا)، أو (لا تلميذَ في القاعة كسولاً أو كسولٌ).

وكذلك إن فقد الإفراد في الاسم، نحو: (لا رجلَ سوءٍ مذمومٌ أو مذموماً بيننا).

ويشترط في ذلك كله أن يكون المعطوف صالحاً لعمل (لا)، فإن لم يصلح لذلك وجب رفعه، نحو: (لا امرأةَ في الدار ولا زيدٌ)؛ لأن المعطوف معرفة و (لا) تعمل في النكرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى