دروس النحو

الممنوع من الصرف: تعريفه وأقسامه وحكمه وإعرابه

الاسم الممنوع من الصرف هو الذي لا يُنَوَّنُ، ويُجَرُّ بالفتحة نيابة عن الكسرة لعلة أصلية أو علتين فرعيتين فيه، ويسمى أيضاً الممنوع من التنوين.

أقسام الممنوع من الصرف

يقسم الاسم الممنوع من الصرف إلى قسمين:

١ -ما منع من الصرف لعلة واحدة

وهو نوعان:

أ –ما خُتِمَ بألف التأنيث المقصورة أو الممدودة، نحو (ليلى، حبلى، زلفى، جرحى، صحراء، أقرباء).

ب –ما جاء على صيغة منتهى الجموع، أي ما جاء على وزن (مفاعل أو مفاعيل) أو ما يوازنهما من كل جمع جاء بعد ألف جمع التكسير فيه حرفان أو ثلاثة أو أحرف أوسطها ساكن، سواء أكان مبدوءاً بميم زائدة، نحو: (أَنَرْتُ مَسَاجِدَ كَثِيرَةً بِمَصَابِيحَ مُضِيئَةٍ)، أم كان غير ذلك، نحو: (اشْتَرَيتُ عَصَافِيرَ كَثِيرَةً بِدَرَاهِمَ قَلِيلَةٍ).

ويُمْنَعُ من الصرف كذلك ما جاء على صيغ منتهى الجموع وإن لم يكن جمعاً، كما قالوا في (سروايل) بمعنى (سروال).

٢ –ما منع من الصرف لعلتين اثنتين

وهو نوعان: علم وصفة.

أما العلم فيمنع من الصرف في المواضع الآتية:

أ –إن كان عَلَماً مؤنثاً سواء أكان التأنيث:

  • حقيقياً، نحو: (أُعْجِبْتُ بِعِلْمَ عَائِشَةَ).
  • أو لفظياً، نحو: (قَامَتِ الدَّولَةُ على دَهَاءِ مُعَاوِيَةَ).
  • أو معنوياً، نحو: (مَرَرْتُ بِمَرْيَمَ وَسُعَادَ).

ويجوز التنوين وعدمه في الأحوال الآتية:

  • إن كان العَلَم المؤنث ثلاثياً ساكن الوسط غير أعجمي، نحو: (مَرَرْتُ بِهِنْدٍ أو بِهِنْدَ).
  • ما كان التأنيث فيه عارضاً، مثل: (دلال، وداد، سحاب) المنقولة من معانيها الأصلية إلى العَلَمِيَّةِ، فإن سُمِّيَ به المؤنث مُنِعَ من الصرف للعَلَمية والتأنيث، وإن سُمِّيَ به المذكر نُوِّنَ، فنقول: (مَرَرْتُ بِدَلَالَ مَعَ وِدَادٍ أَخِيهَا).
  • أسماء القبائل تمنع من الصرف للعَمَلية والتأنيث إن قَصَدْتَ القبيلةَ، نحو: (زُرْتُ مَضَارِبَ تَمِيمَ)، وتُصْرَفُ إن قصدت الجدَّ الذي تنحدر منه وتنتسب إليه، نحو: (زُرْتُ مَضَارِبَ بَنِي تَمِيمٍ).
  • ما سُمِّيَ به مما جمع بألف وتاء، نحو: (وَقَفْتُ فِي عَرَفَاتَ) بالمنع من الصرف، أو بالتنوين (وَقَفْتُ فِي عَرَفَاتٍ) باعتبار أصله.

ب –إن كان عَلَماً أعجمياً زائداً على ثلاثة أحرف، نحو: (إبراهيمَ)، فإن كان ثلاثة أحرف ساكن الوسط صُرِفَ ونُوِّنَ لخفته، نحو: (قَرَأْتُ سِيرَةَ نُوْحٍ فِي قَومِهِ). بعض النحويين قصر هذا الحكم على الساكن الوسط دون المتحرك، وبعضهم أطلق الحكم وهو أفضل.

وإن كان غير علم في لغته الأم وسَمَّينَا به صرفناه، نحو: (فرند) إن سَمَّينا به (وفرند السيف: جوهره ووشيه)، فنقول: (جَاءَ فِرَنْدٌ ومَرَرْتُ بِفِرَنْدٍ).

ج –أن يكون عَلَماً مزيداً فيه الألف والنون، نحو: (عُثْمَانَ، عِمْرَانَ، عَدْنَانَ)، وما احتملت النون فيه الزيادة وعدمها جاز فيه الصرف وعدمه حسب اعتبار الأصل، نحو: (قَرَأْتُ شِعْرَ حَسَّانَ أو حَسَّانٍ)، فإن اعتبر الاسم مأخوذاً من (الحَسِّ) وهو القتل الذريع، كان وزنه (فعلان) والنون فيه زائدة، ويكون عندها ممنوعاً من الصرف، وإن كان مأخوذاً من الحُسْنِ كان وزنه (فعَّال) والنون فيه أصلية، وعندها يكون منوناً مصروفاً.

ومثله كلمة (عَفَّان) من (عَفَّ)، ووزنه (فعلان)، أو من (عَفَنَ) ووزنها (فعَّال).

د –أن يكون عَلماً مركباً تركيباً مزجياً غير مختوم بـ (ويه)، نحو: (جَابَ أَبْنَاءُ حَضْرَمَوتَ الْأَرْضَ بِتِجَارَتِهِمْ، وَأُعْجِبْتُ بِبَعْلَبَكَّ وَآثَارِهَا)، فإن كان مختوماً بـ (ويه) بُنِيَ على الكسر، نحو: (أَلَّفَ سِيبَوَيهِ كِتَابَهُ فِي النَّحْوِ، وَعَكَفَ الْعُلَمَاءُ عَلَى دِرَاسَةِ كِتَابِ سِيبَوَيهِ).

هـ -أن يكون عَلَماً منقولاً عن الفعل نفسه، نحو: (يزيد، يشكر، شَمَّر)، أو على وزن يغلب استعماله في الأفعال، نحو: (دُئِلَ واصْبَعْ) بوزن (اجْلِسْ أو افْتَحْ).

و –أن يكون علماً معدولاً به عن وزن آخر، وهو ما جاء على وزن (فُعَل)، نحو: (تَغَنَّى التَّارِيخُ بِعَدْلِ عُمَرَ). وقد قدر النحاة أن اسم (عمر) ممنوع من الصرف للعَملية وأنه معدول عن اسم الفاعل (عامر).

وقدر النحاة هذا التقدير لسببين، أولهما: أنهم وجدوا العرب يمنعونه من الصرف وليس فيه إلا العلمية؛ فاصطنعوا العلة الأخرى وهي العدل، وثانيهما: أنهم قدروا المعدول عنه (فاعل)؛ لأن وزن (فُعَل) استُعمل كثيراً بمعنى (فاعل) مثل: (غُدَر: غادر).

وأحصى العلماء ما جاء معدولاً على هذا الوزن أي وزن (فُعَل)؛ فكان خمسة عشر اسماً أبرزها: ما يكثر استعماله، وهي: (عُمَر، زُحَل، قُزَح، دُلَف، مُضَر، زُفَر، هُبَل).

وألحقوا بما منع من الصرف للعلمية والعدل شيئين:

١ –ألفاظاً جاءت على هذا الوزن لتوكيد الجمع المؤنث، نحو: (مَرَرْتُ بِالنِّسَاءِ جُمَعَ وكُتَعَ وبُصَعَ وبُتَعَ)، تعرب كلمة جُمَعَ: توكيداً مجروراً بالفتحة نيابة عن الكسرة للتعريف والعدل.

أما التعريف فبالإضافة المقدرة إلى الضمير (جميعهن)، ولذا جاز توكيد المعرفة بها، وأما العدل فلأن مفردها (جمعاء، وبتعاء) ومن حق هذين اللفظين أن يجمعا على (جمعاوات وبتعاوات) كما قالوا في جمع (صحراء: صحراوات)، فَعُدِلَ عن هذا الجمع إلى قولهم (جُمَعَ وبُتَعَ).

٢ –لفظَ (سَحَر) إذا أريد به سَحَرُ يوم معين، وجاء مجرداً من ال والإضافة، نحو: (وَصَلْتُ اليَومَ سَحَرَ)، ولا يُنَوَّنُ للتعريف والعدل، أما التعريف فلدلالته على سحر يوم بعينه، وأما العدل فلأن أصله (السَّحَر) ثم عُدل به عن المحلى بالألف واللام.

وأما الصفة فتمنع من الصرف في المواضع الآتية:

أ –أن تأتي الصفة على وزن (أفعل) ومؤنثه (أفعلاء)، نحو: (مَرَرْتُ بِمَرْجٍ أَخْضَرَ كُسِيَتْ أَرْضُهُ بِوُرُودٍ حَمْرَاءَ وَصَفْرَاءَ وَبَيضَاءَ).

وما جاء على وزن (أفعل) يصرف وينون في موضعين:

١ –إن كان في الأصل اسماً وعَرَضَتْ له الوصفية ولم تكن أصلية فيه، نحو: (مَرَرْتُ بِنِسَاءٍ أَرْبَعٍ وَرَجُلٍ أَرْنَبٍ) أي ذليل.

٢ –إن كان مؤنثه بالتاء المربوطة، نحو: (أرمل) للفقير، ومؤنثه (أرملة).

ب –أن تأتي الصفة على وزن (فَعْلان) والمؤنث (فَعْلى)، مثل: (عَطْشان وعَطْشى)، و(غَضْبان وغَضْبى)، و(سَكْران وسَكْرى)، فإن كان المؤنث بالتاء المربوطة لم تُمْنع من الصرف. وقد أحصى النحاة ما جاء على وزن (فعلان) ومؤنثه (فعلانة) فكان ثلاث عشرة صفة أبرزها: (نَدْمَان) للنديم، و(سَيفَان) للطويل، و(أَلْيَان) لكبير الألية.

ج –أن تأتي الصفة معدولة؛ أي أن تُعْدَلَ عن وزن آخر، ويكون الوصف مع العدل مانعاً للصرف في الموضعين الآتيين:

١ –لفظ (أُخَرَ)، كقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} سورة البقرة ١٨٤ -١٨٥، فهو جمع (أُخرى)، وهذه مؤنث (آخر) وهو اسم تفضيل، وحكمه أن يكون مفرداً مذكراً دائماً إن استُعْمِلَ مجرداً من ال والإضافة، نحو: (زَيدٌ أَكْرَمُ مِنْ عَمْروٍ، وَالْمُجِدَّانِ أَفْضَلُ مِنَ الْمُقَصِّرِينَ، وَالْمُجَاهِدُونَ أَفْضَلُ مِنَ الْقَاعِدِينَ، وَفَاطِمَةُ أَفْضَلُ مِنْ زَمِيلَتِهَا، وَالْمُجِدَّاتُ أَفْضَلُ مِنَ الْمُهْمِلَاتِ)، ولكنهم عدلوا عن ذلك في (آخَرَ) فثَنَّوهُ وجمعوه فقالوا: (آخَرَانِ وآخرونَ) وقالوا (أُخَر) فمنعوه من الصرف للوصف والعدل عن (أُخْرَيَاتِ).

٢ –ما جاء من الأعداد وصفاً على وزن (مَفْعَل وفُعَال) مثل (مَوحِد وأُحَاد، ومَثْلَث وثُلَاث)، ومنه قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} سورة النساء: ٣، ولا تستعمل هذه الألفاظ إلا أحوالاً كالآية السابقة.

أو نعوتاً كقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} سورة فاطر: ١، فالكلمات (مثنى وثلاث ورباع) نعوت لأجنحة، مجرورة بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنها ممنوعة من الصرف للوصفية والعدل؛ أي العدل عن اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة …).

أو أخباراً، ومنه ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (صَلَاةُ اللَّيلِ مَثْنَى مَثْنَى).

حكم الاسم الممنوع من الصرف

١ –يمنع كل اسم مما مضى وصفه من التنوين، ويجر بالفتحة نيابة عن الكسرة، إلا إذا:

  • اقترن بـ ال، نحو: (تَمَسَّكْتُ بِالْأَكْرَمِ مِنَ الْأَصْدِقَاءِ).
  • أو جاء مضافاً، نحو: (تَحَلَّ بَأَكْرَمِ الْأَخْلَاقِ) فيصرف ويجر بالكسرة.

٢ –إن كان الاسم منقولاً عن فعل، نحو: (يزيد، تغلب، يشكر، شمَّر) جاز فيه وجهان:

أولهما: أن يجعل منقولاً عن الفعل وحده فيمنع من الصرف ويجر بالفتحة نيابة عن الكسرة.

ثانيهما: أن يجعل منقولاً عن الفعل والفاعل معاً فيُحْكَى عن الأصل، كقول الشاعر:

نُبِّئْتُ أَخْوَالِي بَنِي يَزِيدُ * ظُلْماً عَلَينَا لَهُمْ فَدِيدُ

الفديد هو الضجيج، يزيد: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال محلها بحركة الحكاية؛ أي حكايته كما ورد في الأصل.

٣ –إن جاء الاسم المنقوص على صيفة منتهى الجموع، مثل: (جَوَارٍ وغَوَاشٍ) بوزن (فواعل) منع من الصرف وحُذِفَتْ ياؤه في حالتي الرفع والجر، وقُدِّرَتْ الضمة والكسرة على الياء المحذوفة والتي عَوَّضَ الاسم عنها بالتنوين، فنقول في إعراب (جوار) في قولنا: (جَاءَتْ جَوَارٍ) فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء المحذوفة والمعوض عنها بالتنوين.

ونقول في إعرابها من قولنا: (اسْتَمَعْتُ إِلَى جَوَارٍ) اسم مجرور بحرف الجر إلى، وعلامة جره الفتحة الظاهرة على الياء المحذوفة والمعوض عنها بالتنوين عوضاً عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف كونه جاء على صيغة منتهى الجموع.

والفارق بين قاضٍ وجوارٍ أن تنوين (قاضٍ) هو تنوين التمكين؛ أي الدال على أن الاسم متمكن من باب الاسمية فلم يُبْنَ ولم يمنع من الصرف، أما تنوين (جوارٍ) فهو تنوين العِوَضِ؛ لأنه ممنوع من الصرف فلا ينون تنوين التمكين، وقد حذفت الياء من (قاضٍ) دفعاً لالتقاء الساكنين (الياء والنون)، وليس في (جوار) ساكنان؛ لأنه ممنوع من الصرف فلا ينون، وإنما حذفت حملاً على المنقوص المصروف ليجري الباب كله على سَنَنٍ واحد.

أما في حال النصب فتثبت الياء، وتظهر عليها الحركة لخفتها، نحو: (رَأَيْتُ قَاضِياً يُعَاقِبُ جَوَارِيَ).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى