دروس النحو

الإعلال بالقلب والإعلال بالتسكين والإعلال بالحذف

يواجه أغلب الطلاب والدارسين بعض العقبات في تعلم الصرف، ومن هذه العقبات تعلم مسائل الإعلال، فالإعلال هو باب من أبواب الصرف المهمة جداً، باب جليل شريف، فيه رياضة للعقل، وفيه صقل للموهبة، لكنه مع هذا باب عَسِرٌ بعض الشيء.

ولقد تناول العلماء باب الإعلال بطرائق مختلفة، لكنها تؤدي إلى نتيجة واحدة.

وفي مقالتنا هذه سنحاول أن نجمع بين هذه الطرق أملاً في أن نخفف عبء فهم هذا الباب على الدارسين ونوسع من ضيق مذاهبه بما ييسر الله على طلبة العلم من أبناء هذا العصر.

يرجى الملاحظة بأننا اختصرنا الدرس في نهاية المقالة.

ما تعريف الإعلال؟

الإعلال هو تغيير يحدث على أحرف العلة (الألف أو الواو أو الياء)، إما بقلبه أو بتسكينه ونقله أو بحذفه.

ويلحق بأحرف العلة في هذا البحث حرف الهمزة، وللإعلال ثلاث صور هي:

أولاً: الإعلال بالقلب

وهو قلب حرف علة مكان حرف علة آخر، ويأتي على الأنواع الآتية:

١ –قلب الواو والياء ألفاً:

تقلب الواو والياء ألفاً إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما، نحو:

-قال: أصلها قَوَل، حيث تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً.

-باع: أصلها بَيَع، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً.

ولقلب الياء والواو ألفاً شروط نذكرها فيما يلي:

شروط قلب الياء والواو ألفاً:

أ –أن تكون الواو والياء متحركتين، مثل:

-صام –صَوَم: تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، ويمكنك معرفة أصل الألف بتحويل الفعل إلى المضارع أو إلى المصدر، فمضارع الفعل صام هو يصوم، ومصدره صوماً، ومن ذلك قوله تعالى: {إني نذرت للرحمن صوماً} [مريم: ٢٦].

-صاد صَيَدَ: ومضارعها يصيد، ومصدره صيداً، حيث تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، فصارت صاد.

ب –أن تكون حركتهما أصلية، مثل كلمة (توأم)، وأصلها تَوَم، حيث خُفِّفَتْ فصارت (توأم)، وكذلك في كلمة (جَيَل) مخففة من (جَيْئَل) وهو اسم للضبع.

ج –أن يكون ما قبل الواو أو الياء مفتوحاً، ولذلك مُنِعَ قلب (دُوَل) و(حِيل)؛ لأن الحرف الذي قبلهما في الكلمة الأولى (دول) مضموماً، وفي الكلمة الثانية (حيل) مكسوراً.

د –أن تكون الفتحة التي قبلها متصلة بها في كلمة واحدة، ولذلك لم يصح قلب الياء في مثل عبارة (كتبَ ياسر)؛ لأن الفتحة التي قبل ياء (ياسر) ليست في الكلمة نفسها.

هـ -أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين، نحو: قال وباع، وألا تليهما ألف أو ياء مشددة إن كانتا لامين، نحو: غزا ورمى، ولذلك صحت في مثل (بيان) و(طويل) لسكون ما بعدهما، وصحت في نحو (غزوا) و(رميا) لوقوع ألف بعدهما ولم تصح في (توالى) وغيور)، ولا في (جريا) و(عصوان) لوقوعهما لاماً للكلمة وبعدهما ألف.

و –ألا تكون عيْنَ فعلٍ على وزن (فَعِل) المكسور العين المعتل اللام، مثل: (هوي)، (حيي)، (قَوِيَ).

وكذلك لا تقلب في مثل: (هَيِفَ) و(حَوِل)؛ وذلك لأن الصفة المشبهة من هذين الفعلين على وزن (أفعل) هي (أهيف) و(أحول).

ز –ألا تكون عين اسم على وزن (فَعَلانٍ) بفتح العين، فلا تُعَلُّ في مثل: جولان وهيمان وحيوان.

ح –ألا تقع الواو أو الياء عيناً لفعل مزيد بتاء الافتعال إذا دلَّ على المشاركة، مثل: اجتوروا أو اشتوروا.

ط –ألا يجتمع فيه إعلالان؛ بمعنى ألا تقع الواو أو الياء قبل حرف يستحق هذا الإعلال، مثل: الهوى والحيا، ولتصحيح موضعهما أُعِلَّتِ اللام بقلبها ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، وكان أصلهما الهَوَيُ والحَيَيُ، وكما ترى جاء الإعلال في الطرف؛ لأنه أحق بالتغيير.

ي –ألا تكون الواو أو الياء عيناً لكلمة آخرها مختص بالأسماء كالألف والنون أو ألف التأنيث المقصورة، ومثل الأولى: جولان وطوفان، وهي مصادر لكل من جال وطاف، ومثال الثانية: (الصَّوَرى) وهو اسم ماء، و(الحيَدى) وهو وصف للحمار الذي يحيد عن ظله.

٢ –قلب الواو ياءً

تقلب الواو ياء في المواضع الآتية:

أ –إذا وقعت الواو متطرفة بعد كسر، مثل: (رَضِيَ)، أصل هذا الفعل (رَضِوَ) بدليل المصدر الرضوان. وكذلك كلمة (الغازي) أصلها (الغازو)، و(الداعي) أصلها (الداعو)، و(القوي) أصلها (قَوِوَ).

ب –إذا وقعت الواو عيناً لمصدر (حشواً بين كسرة وألف)، وهذا المصدر أعلت عين فعله، مثل: كلمة (قيام) أصلها (قوام)، وفعلها (قام)، وأصله (قَوَمَ).

ومثل: كلمة (انقياد) أصلها (انقواد)، وفعلها (انقياد، وأصله (انقواد).

ج –إذا وقعت الواو عيناً لجمع تكسير، بشرط أن يكون صحيح اللام وقبلها كسرة، وهذه الواو مُعَلَّةٌ في المفرد، مثل: (دار) أصلها (دور) فالواو معلة في المفرد؛ أي مقلوبة إلى ألف؛ فإذا جمعت قلت: (دِوَار)، حيث قلبت الواو ياءً فصارت (ديار).

د –إذا وقعت الواو عيناً لجمع تكسير صحيح اللام وقبلها كسرة، بشرط سكونها في المفرد، مثل كلمة (سوط) جمعها في الأصل (سِواط) لكن الواو قلبت ياء فصارت سياط.

ومثل كلمة حوض –حياض، وروض –رياض.

هـ -إذا وقعت الواو رابعة فأكثر بعد فتحة في آخر الفعل الماضي بشرط أن تكون منقلبة ياء في المضارع، نحو: أعطى، يعطي، أعطيت، وأصلها: أعطوت.

هنا نلحظ أن أعطوْت ساكنة في الماضي وقبلها فتحة ومنقلبة ياء في المضارع.

ومثلها: زكَوْت التي صارت زَكَيْتُ.

و –إذا وقعت الواو ساكنة غير مشددة، وقبلها كسرة، مثل: ميزان.

وزن، مِوْزان، ميزان.

ومثل: وعد، مِوْعاد، ميعاد.

ز –إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة بشروط هي:

١ –ألا يفصل بينهما فاصل.

٢ –أن تكون الأولى أصلية غير منقلبة عن حرف آخر.

٣ –أن تكون الأولى ساكنة سكوناً أصلياً.

فإذا تحققت الشروط وجب قلب الواو ياءً وإدغامهما في الياء، مثل:

سَيِّد: من ساد يسود، فهو سَيْود، حيث قلبت الواو ياء فصارت (سَيْيد)، التقى مثلان الأول ساكن والثاني متحرك، فوجب الإدغام، فصارت (سَيِّد)، ومثلها في كلمة (مَيِّت).

ح –إذا وقعت الواو لاماً لجمع تكسير على وزن (فعول) مثل: عصا أصلها عصوو، حيث قلبت الواو الثانية ياء فصارت (عُصُوي)، ثم قلبت الواو الأولى ياء تبعاً للقاعدة فصارت (عصيي)، ثم أدغمت الياءان فصارت الكلمة (عِصِيٌّ).

ومثل ذلك: دَلو، دُلُوو، دُلُوي، دُليٌّ، دِلِيٌّ.

٣ –قلب الياء واواً:

تقلب الياء واواً في المواضع الآتية:

أ –إذا كانت الياء ساكنة بعد ضمة، غير مشددة، بشرط أن تقع في كلمة لا تدل على الجمع، مثل:

أيقن، مضارعها يُيْقِن، واسم الفاعل منها: مُيْقِن.

وعليه نقلب الياء واواً ليصير الفعل يوقن، واسم الفاعل: موقن.

ب –إذا وقعت لاماً لفعل على وزن (فَعُل) المختص بالتعجب، مثل: نهى، أصله نهي، فإذا جعلناها على وزن فَعُل صارت نَهُوَ، ومثل ذلك:

قضى –قَضُوَ، رمى –رَمُوَ، ذكى –ذَكُوَ.

فنقول فيها: ما أقضاه، وما أرماه، وما أذكاه.

ج –إذا وقعت الياء لاماً لاسم على وزن فَعْلى، مثل:

تقوى أصلها تَقيا، فتوى أصلها فَتْيا.

د –إذا وقعت عيناً لاسم على وزن (فُعْلى) نحو: طوبى، وأصلها طُيْبَى، والفعل طاب يطيب.

٤ –قلب الألف ياء:

تقلب الألف ياء في حالتين:

أ –إذا وقعت الألف بعد كسرة، تقلب ياء ثم تدغم في ياء التصغير، مثل: مصباح، تجمع على مصابيح.

فأصل مصابيح مصاباح، ولتعذر النطق بها ولوقوع الألف بعد كسرة قلبت ياء لتصير مصابيح.

ومثلها: دنانير، ومفاتيح، وسلاطين، ومناشير.

ب –إذا وقعت بعد ياء التصغير، مثل: كتاب، فالتصغير كُتَيْاب، هنا وقعت الألف بعد ياء التصغير الساكنة، والنطق بها مستحيل، فتقلب الألف ياء ثم تدغم في ياء التصغير لتصير كُتَيِّب.

٥ –قلب الألف واواً

تقلب الألف واواً في حالة واحدة، وهي: أن تقع بعد ضمة، وذلك عند التصغير، مثل:

لاعب: تقول فيه: لُوَيْعِب، بقلب الألف واواً، ومثلها: كاتب كويتب، ماهر مويهر.

ثانياً: الإعلال بالتسكين أو بالنقل

ويعني نقل حركة حرف علة متحرك إلى حرف صحيح ساكن قلبه، وهذا لا يحدث إلا في الواو والياء، وسبب حدوث الإعلال بالنقل تجنب استثقال الحركة على حرف العلة، ولهذا النوع من الإعلال شروط، هي:

١ –أن يكون الساكن المنقول إليه صحيحاً، نحو: قاول.

٢ –ألا يكون الفعل المعتل فعل تعجب، نحو: ما أجود.

٣ –ألا يكون من المضعف اللام، نحو: ابيضَّ.

٤ –ألا يكون معتل اللام، نحو: أهوى.

مواضع الإعلال بالنقل

١ –نقل حركة حرف العلة إلى الساكن الصحيح قبله، نحو: (يقوم، يبين): أصلها يَقْوُمُ، حيث نقلت حركة حرف الواو إلى حرف القاف الصحيح الساكن، فسكنت الواو وتحركت القاف، فصارت يَقُوْم.

يَبِيْنُ: أصلها (يَبْيِنُ) بكسر الياء، نقلت حركة الياء إلى الباء الساكنة الصحيحة قبلها فسكنت الياء وتحركت الباء فصارت: يَبِيْنُ.

ومن أمثلة الواوي: يصوم، يلوم، يسود، يعود.

ومن أمثلة اليائي: يبيت، يسير، يبيع، يعيش.

٢ –نقل حركة حرف العلة في الاسم للفعل المضارع في وزنه بشرط أن يكون فيه زيادة يمتاز بها عن الفعل كالميم، مثل:

أ –مَفْعَل: ومنها لاسم مَقَام، وأصلها مَقْوَم، حيث نقلت حركة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها، ثم قلبت الواو ألفاً لمجانسة الفتحة فصارت مَقَام.

ومثلها كلمة معاش.

ب –مُفْعل: نحو مقيم ومبين، وأصلها مُقْوِم ومُبْيِن، حيث نقلت حركة الواو والياء إلى الساكن الصحيح قبلهما، ثم قلبت الواو في مقوم ياء لمجانسة الكسرة فصارت مُقِيم.

أما مبين فلم تتغير الياء؛ لأنها أصلاً مجانسة للحركة المنقولة.

ج –مُفْعَل، نحو: مُعَاد، ومُفَاد، وأصلهما: مُعْوَد ومُفْيَد.

د –مُسْتَفْعِل، نحو: مستعيد، وأصلها مُسْتَعْوِد. ومُسْتَبِيْن أصلها مُسْتَبْيِن.

هـ -مُسْتَفْعَل، نحو: مستجاد، وأصلها مُسْتَجْوِد، مستفاد أصلها مُسْتَفْيِد.

٣ –إذا كان المصدر على وزن إفعال أو استفعال، مما أعلت عينه، فإننا نحمل هذا المصدر على فعله في الإعلال، نحو: إقامة، واستقامة.

فأصل المصدرين: إقوام واستقوام، حيث حدث فيهما إعلال بنقل فتحة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها فصارت إقوام واستقوام، فقلبت الواو فيها ألفاً لمجانسة الفتحة فالتقت ألفان الأولى بدل العين والثانية بدل ألف إفعال واستفعال، فوجب حذف أحدهما، ثم أتي بتاء التأنيث عوضاً عنها فصارت: إقامة واستقامة.

٤ –نقل حركة حرف العلة في صيغة (مفعول) المشتقة من فعل ثلاثي أجوف إلى الحرف الساكن الصحيح قبله، نحو:

مَصُون، الماضي منها صان، وأصل مصون مصوون، حيث نقلت حركة الواو وهي الضمة إلى الساكن الصحيح قبلها فتحول اسم المفعول إلى مصوون، فالتقى ساكنان الأول عين الكلمة والثاني واو صيغة مفعول الزائدة، فحذف أحدهما للتخلص من التقاء الساكنين وبذلك صار مصون.

ثالثاً: الإعلال بالحذف

يأتي الإعلال بالحذف في الحالات الآتية:

١ –الفعل الماضي المزيد بالهمزة على وزن (أفعل)، فتحذف هذه الهمزة في المضارع وفي اسم الفاعل واسم المفعول، نحو:

أكرم: المضارع يؤكرم، تحذف الهمزة فيصير الفعل: يكرم.

اسم الفاعل: أصله مُؤَكْرِم، تحذف الهمزة ليتحول إلى مُكْرِم.

اسم المفعول: مُؤَكْرَم، تحذف الهمزة فيصير: مُكْرَماً.

٢ –الفعل المثال الثلاثي: بشرط أن تكون فاؤه واواً، وعينه مفتوحة في الماضي، مكسورة في المضارع، فتحذف هذه الواو في المضارع والأمر، مثل: وعد ومضارعه يوعد، حيث تحذف الواو فيصبح الفعل يعد، والأمر عِدْ، والمصدر عدة.

٣ –اسم المفعول الأجوف، مثل: قال، اسم المفعول منه مَقْوُول، تنقل الضمة التي على الواو إلى القاف فيصير مُقوول، فتجتمع واوان ساكنتان، فتحذف الثانية ليصير الاسم مَقُول.

٤ –الفعل المعتل الآخر، يحذف آخره في أمر المفرد والمضارع المجزوم، وهنا الحذف ليس للإعلال وإنما للنيابة عن السكون في الأمر وعن سكون المضارع في الجزم، مثل:

ادعُ، ولم يدعُ.

ارمِ، ولم يرمِ.

٥ –إذا التقى حرف مد بساكن بعده، مثل: قُمْ، وقُمْت، والأصل قوم، حيث حذفت الواو لالتقاء حرف المد السكن بعده.

مختصر بحث الإعلال

الإعلال: هو تغيير حرف العلة بقلبه أو بتسكينه (نقله) أو بحذفه.

فالإعلال بالقلب مثل: صام وباع، أصلهما صَوَمَ وبَيَعَ، حيث قلبنا الواو والياء ألفاً.

والإعلال بالتسكين أو النقل: يكون بنقل حركة حرف العلة إلى الساكن الصحيح قبله، نحو: يَقْوُمُ، حيث تحرك فيه حرف العلة الواو، وقبله حرف صحيح ساكن، فنقلت حركة حرف العلة إلى الساكن الصحيح قبله، وسكن حرف العلة فصار يُقُوْمُ.

والإعلال بالحذف، كحذف الواو من مضارع الأفعال: (وصف، وزن، وثب)، حيث نقول (يصف، يزن، يثب)، ومن الأمر (صِفْ، زِنْ، ثِبْ)، ومن المصدر (صِفَة، زنة، ثبة).

وهكذا ننهي بحث الإعلال بجميع أنواعه، هو بحث طويل وشاق، لكن مع الأمثلة والإسهاب في الشرح والقراءة المتأنية سيكون سهلاً على الجميع بإذن الله.




مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى