دروس النحو

العمدة والفضلة في النحو العربي: تعريفها وفائدتهما

سنتحدَّثُ في هذا الدَّرسِ عنِ العُمْدَةِ والفَضْلَةِ في اللُّغةِ العربيَّةِ، ولكنْ قبلَ البدءِ بالحديثِ عنِ العمدةِ والفضلةِ يجبُ أنْ يكونَ لدينَا فكرةٌ مسبقةٌ عنِ المسندِ والمسندِ إليهِ في النَّحوِ.

ما المسندُ وما المسندُ إليهِ؟

المسندُ: هوَ ما أُسْنِدَ إلى غيرِهِ، والمسندُ إليهِ: هو َما أُسندَ إليهِ فعلٌ أو شبهُهُ، كمَا في المثالينِ الآتيينِ:

أ –قَدِمَ زيدٌ: فالفعلُ (قدمَ) مسندٌ؛ لأنَّنَا أسندنَاهُ إلى زيدٍ.

    زيدٌ: مسندٌ إليهِ؛ لأنَّنَا أسندنَا إليهِ فعلَ القُدومِ.

ب –زيدٌ قادمٌ: فـهُنَا (زيدٌ) مسندٌ إليهِ القدومُ.

       وقادمٌ: مسندٌ إلى زيدٌ.

والمسندُ قدْ يكونُ فعلاً أو اسماً كمَا رأيتَ في المثالينِ السَّابقينِ.

والمسندُ إليهِ لا يكونُ إلَّا اسماً؛ لأنَّ الإسنادَ مِنْ علاماتِ الاسمِ.

ولا يكونُ الحرفُ مسنداً ولا مسنداً إليهِ.

الآنَ نأتي للحديثِ عنِ العُمدةِ والفَضلةِ.

ما العمدةُ وما الفضلةُ؟

العمدةُ عندَ النُّحَاةِ ما كانَ مسنداً أو مسنداً إليهِ.

والفَضلةُ ما كانَ غيرَ ذلِكَ.

والعمدةُ في الكلامِ العربيِّ جزءٌ أساسيٌّ لا يُسْتَغْنى عنْهُ؛ لأنَّ أقلَّ الكلامِ (أي الكلامِ المفيدِ) ما كانَ مؤلَّفاً مِنْ مسندٍ ومسندٍ إليهِ، فإنْ ذُكِرَا فهوَ الأصلُ، وإنْ حُذِفَ أحدُهُمَا فلا بُدَّ مِنْ تقديرِهِ كالفاعلِ المستترِ وجوباً أو جوازاً، أو كاسمِ الأفعالِ النَّاقصةِ، نحُو: (زَيدٌ كَانَ مُجِدّاً) أو غيرِ ذلِكَ.

والعمدةُ في الجملةِ الفعليَّةِ: هوَ الفعلُ والفاعلُ، أوِ الفعلُ ونائبُ الفاعلِ.

وفي الجملةِ الاسميَّةِ: هوَ المبتدأُ والخبرُ.

وما سِوى ذلِكَ كالمفاعيلِ والحالِ والتَّمييزِ والمجروراتِ بالحرفِ … إلخ، كلُّ ذلِكَ فَضلةٌ.

والفَضْلَةُ قدْ تكونُ بمثابةِ العمدةِ في حاجةِ الكلامِ إليهَا وتَوَقُّفِ صِحَّةِ المعنى عليهَا، فلا يُستغنى عنهَا ولا يجوزُ إغفالُهَا، ففي قولِهِ تعالى: {لَا تَقْرِبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} سورةُ النِّساءِ: ٤٢، جاءَتْ جملةُ: (وأنتمْ سكارى) في محلِّ نصبٍ حالٌ، والحالُ ليسَتْ مسنداً ولا مسنداً إليهِ، أي هيَ فضلةٌ، ولكنَّ المعنى مُتَوَقِّفٌ عليهَا، والحكمُ منوطٌ بِهَا.

نتيجةٌ

ويَنبني على هذهِ نتيجتانِ:

أولاهُمَا: العمدةُ أساسٌ في الكلامِ لا يُستغنى عنهُ البتَّةَ.

وثانيتُهُمَا: الفَضلةُ قدْ يتوقَّفُ فهمُ مقصودِ المتكلِّمِ عليهَا؛ فلا يُستغنى عنهَا، وقدْ تكونُ لتوكيدٍ أو وصفٍ أو غير ِذلِكَ ممَّا هوَ زائدٌ عنِ المعنى المرادِ، فيُمكنُ الاستغناءُ عنهَا إنْ أرادَ المتكلِّمُ ذلِكَ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى