دروس النحو

المفعول لأجله أو المفعول له: تعريفه وشروطه وأقسامه

في هذا المقالة سوف نتعرف إلى المفعول لأجله في النحو العربي في درس جديد من دروس قواعد اللغة العربية، مع بعض الشواهد والأمثلة.

ما تعريف المفعول لأجله؟

المفعول لأجله، ويسمى المفعول له أو المفعول من أجله: هو مصدر يبين علة ما قبله، أو سببه؛ ويشارك عامله في وقته وفي فاعله.

نحو: زُرْتُكَ رغبةً في عِلْمِكَ.

ما شروط المفعول لأجله؟

يشترط في المفعول لأجله أن يكون:

  • مصدراً.
  • قلبياً.
  • معللاً لما قبله. (١)
  • متحداً مع المُعَلَّلِ به في الزمن. (٢)
  • متحداً مع المعلل به في الفاعل.

ولو تأملنا المثال السابق؛ كلمة (رغبة) الواقعة جواباً لوجدنا أنها:

  • مصدر قلبي.
  • مصدر قد بَيَّنَ سبب الزيارة وعلتها.
  • متحدة مع الفعل في الزمن؛ لأنها قائمة في النفس حين حصلت الزيارة بل هي متقدمة عليها ودافعة لها.
  • شاركت عاملها في الفاعل؛ وذلك لأن زمن رغبة العلم وفاعلها هو زمن الزيارة وفاعلها؛ أي صاحب الزيارة والرغبة واحد.

فإذا فَقَدَ هذا الاسم شرطاً من الشروط السابقة؛ امتنع نصبه وتعين جره بحرف جر دال على التعليل، وحروف التعليل هي:

١ -اللام، كقوله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ}. (الرحمن: ١٠) فهنا فَقَدَ الاسم المصدرية فَجُرَّ باللام.

وكقول أبي صخر الهُذَلي:

وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هَزَّةٌ * كَمَا انْتَفَضَ الْعُصْفُورُ بَلَّلَهُ الْقَطْرُ

ففي هذا البيت: (الذكرى) هي مصدر قلبي، غير أن الفاعل مختلف؛ ففاعل الفعل (تعروني) هو كلمة (هزة)، وفاعل (الذكرى) هو الشاعر نفسه.

٢ –مِنْ: ومنه قوله تعالى: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق}، (الأنعام: ١٥٢). فالإملاق مصدر قلبي.

٣ –في: ومنه الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ»، ففي هذا الحديث (الهرة) هي سبب دخول المرأة النارَ، ولكنها اسم ذات وليست مصدراً قلبياً.

٤ –الباء: كقوله عز وجل: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}، (النساء: ١٦٠). ففي هذه الآية جُرَّ المصدر (ظلم) بحرف التعليل (الباء)؛ لاختلاف الفاعل، ففاعل التحريم هو (الله سبحانه وتعالى) وفاعل الظلم هم الذين اتخذوا اليهودية ديناً لهم.

-إذا استوفى الاسم الشروط السابقة كلها؛ كان نصبه جائزاً لا واجباً، بل يجوز جره بحرف دال على التعليل، غير أن النصب أكثر إن كان المصدر مجرداً من (ال) والإضافة، ويقل جره كما في قول الشاعر:

مَنْ أَمَّكُمْ لِرَغْبَةٍ فِيكُمْ جُبِرْ * وَمَنْ تَكُونُوا نَاصِرِيهِ يَنْتَصِرْ

الشاهد في هذا البيت: جَرُّ المصدر (رغبة) باللام، وهو مجرد من (ال) والإضافة، والنصب فيه أكثر.

-والجر أكثر إن كان محلى بـ (ال)، ويقل نصبه، كما في قول الشاعر:

لَا أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيجَاءِ * وَلَو تَوَالَتْ زُمَرُ الْأَعْدَاءِ

الشاهد فيه: نَصْبُ المصدر (الجبن) على أنه مفعول لأجله، وهو محلى بـ (ال) والجر فيه أكثر.

-ويستوي الجر والنصب في المضاف، كقوله تعالى: {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ}، (البقرة: ٢٦٦).

وكقوله عز وجل: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}، (البقرة: ٧٥).

ما أقسام المفعول لأجله؟

يمكن تقسيم المفعول لأجله أو له إلى ثلاثة أقسام، وهي:

١ –مجرد من (ال) والإضافة كما في قولنا: (مكثت في البيت مرضاً)، أي لأجل مرضي.

٢ –مضاف، كما في قولنا: ابتعدت عن الذنوب خشيةَ العقاب.

٣ –مقترن بـ (ال) وهذا القسم يحتاج إلى دقة في الفهم والاستعمال، وهو قليل، كما في قول الشاعر:

لَا أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيجَاءِ

ملحوظات

١ -يجوز حذف المفعول لأجله إن دل عليه دليل، كقولنا: إن الله أهل للشكر دائماً، فأطعه شكراً، واعبده.

والتقدير: واعبده شكراً. فحُذِفَ المفعول لأجله الثاني لدلالة الأول عليه.

٢ -يجوز تقدم المفعول لأجله على عامله في حالتي النصب والجر، نحو: طلباً للعلم؛ ذهبت إلى دمشق، وحباً؛ زرت أخي.

والأصل: ذهبت إلى دمشق طلباً للعلم، وزرت أخي حباً.

ومنه قول الشاعر:

فَمَا جَزَعاً وَرَبِّ النَّاسِ أَبْكِي … وَلَا حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا اعْتَرَانِي

والتقدير: فما أبكي جزعاً.

ومثله قول الكميت:

طَرِبْتُ وَمَا شَوقاً إِلَى الْبِيضِ أَطْرَبُ … وَلَا لَعِباً مِنِّي وَذُو الشَّيبِ يَلْعَبُ؟

والتقدير: وما أطرب شوقاً إلى البِيض (السيوف).

____________________

١ –اشتُرط كونه مصدراً قلبياً؛ ليفيد التعليل؛ لأن التعليل يكون غالباً بأمور معنوية قلبية، فلا يقال: جئتك قراءة للعلم أو ضرباً للمذنب؛ لأن ذلك من صنع اللسان أو اليد.

٢ –تكون العلة بشكل عام أسبق من الحدث في النفس، وهي الدافعة إليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى