دروس النحو

المفعول به: تعريفه وأنواعه وأحكامه والعامل فيه

المفعول به هو اسم دلَّ على مَن وقع عليه الفعل سلباً أو إيجاباً، نحو: (قَطَفَ زَيدٌ ثَمَرَةَ عَمَلِهِ)، و(لَمْ يَنَلِ الْمُهْمِلُ إِلَّا الْخُسْرَانَ)، وهذا الاسم لم تتغيَّر له صورة الفعل.

أنواع المفعول به

للمفعول به نوعان:

١ –المفعول به الصَّريح: وهو الَّذي يتعدَّى إليه الفعل بنفسه، نحو: (أُحِبُّ الْمُخْلِصَ فِي عَمَلِهِ)، ويأتي هذا النَّوع من المفعول به بعد:

  • الفعل المتعدِّي إلى مفعول واحد، كقولنا: (أَكَلَ زَيدٌ التُّفَّاحَةَ).
  • أو إلى مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، نحو قوله تعالى: {إِنَّهُمْ أَلْفَوا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ}، (سورة الصَّافَّات: ٦٩).
  • أو إلى مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبر، نحو: (مَنَحْتُ الصَّدِيقَ الْوُدَّ)، و(أَعْطَيتُ زَيداً كِتَاباً).
  • أو إلى ثلاثة مفاعيل، نحو: (أَعْلَمْتُ زَيداً الصِّدْقَ مُفِيداً).

٢ –المفعول به غير الصَّريح، وهو ثلاثة أقسام:

  • المفعول الَّذي يتعدَّى إليه الفعل بحرف الجرِّ، نحو: (رَغِبْتُ فِي الْعَمَلِ، وَرَضِيتُ عَنْ نَتَائِجِهِ)، فالجارُّ والمجرور (في العمل) و(عن نتائجه) حَلَّتْ محلَّ المفعول به.
  • الجملة الَّتي تقع موقع المفعول به، نحو: (رَأَيتُ الْعِلْمَ يَبْنِي َوالْجَهْلَ يَهْدِمُ)، فجملة (يبني) وجملة (يهدم) جملتان فعليَّتان في محلِّ نصب، مفعول به، والتَّقدير: رأيت العلم بنَّاءً والجهل هدَّاماً.
  • المصدر المؤوَّل، نحو: (أَوَدُّ أَنْ تُحَافِظَ عَلَى وَقْتِكَ)، فالمصدر المؤوَّل من أنْ وما بعدها في محلِّ نصب مفعول به، والتَّقدير: أودُّ محافَظَتَكَ.

وقد يحذف حرف الجرِّ؛ فيُنْصَبُ الاسم الَّذي كان مجروراً به، ويأتي ذلك على ثلاثة أقسام:

١ –سماعيٌّ جائز في الشِّعر والنَّثر على السَّواء، نحو: (نَصَحْتُهُ وَشَكَرْتُهُ وَنَصَحْتُ لَهُ وَشَكَرْتُ لَهُ)، (دَخَلْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ أَو دَخَلْتُ الْمَنْزِلَ)، (مَرَرْتُ بِالدِّيَارِ أَو مَرَرْتُ الدِّيَارَ)، والأَولى في ذلك كلِّه ذِكْرُ حرف الجرِّ؛ فإذا حُذِفَ نُصِبَ الاسم بنزع الخافض، وجَعَلَ بعضهم هذه الأفعال متعدِّية بالحرف في الصِّيغة الأولى، ومتعدِّية بنفسها في الصِّيغة الثَّانية، وهو رأيٌ حَسَنٌ. وعلى هذا يكون الفعل: لازماً أو متعدِّياً، أو يُسْتَعْمَلُ لازماً ومتعدِّياً.

٢ –سماعيٌّ خاصٌّ بالشِّعر، كقول سَاعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ يصف رمحاً:

لَدْنٌ بِهَزِّ الْكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُهُ * فِيهِ كَمَا عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ

فالشَّاهد: حَذْفُ الجارِّ (في) ونَصْبُ ما بعده بنزع الخافض، وهو سماعيٌّ خاصٌّ بالشِّعر، والتَّقدير: كما عَسَلَ في الطَّريق.

ومعنى عسل: تحرَّك واضطرب.

٣ –قياسيٌّ، وذلك قبل كلٍّ مِنْ (أنْ وأنَّ وكي) المصدريَّات، نحو: (تَرْغَبُ الْأُمُّ أَنْ تَكُونَ أُسْرَتُهَا سَعِيدَةً، وَتَسْهَرُ كَي يَنَامَ أَولَادُهَا بِرَاحَةٍ وَأَمْنٍ)، والتَّقدير: ترغب في … وتسهر لكي …

ويُشترط في حذف الجارِّ أمن اللَّبس؛ فلا يقال: (رغبْتُ أن أذهبَ)؛ فقد تكون الرَّغبة في الذَّهاب أو عنه؛ أي قد يكون المعنى: رغبْتُ في الذَّهاب، أو رغبْتُ عنِ الذَّهاب، والمعنى في الأُولى هو إرادة الذَّهاب، وفي الثَّانية رفضه.

والمصدر المؤوَّل مجرور بالجارِّ المحذوف قياساً، أو منصوب بنزع الخافض.

وقد يحذف حرف الجرِّ ويبقى عمله، وذلك نادر مقصور على السَّماع، كقول الفرزدق:

إِذَا قِيلَ أَيُّ النَّاسِ شَرُّ قَبِيلَةٍ * أَشَارَتْ كُلَيبٍ بِالْأَكُفِّ الْأَصَابِعُ

والتَّقدير: أشارت إلى كليب.

اقرأ أيضاً: التنازع في النحو: تعريفه وأحكامه

أحكام المفعول به

أ –النَّصب بالفتحة الظَّاهرة أو المقدَّرة أو ما ينوب عنها كالألف في الأسماء السِّتَّة، والياء في المثنَّى أو جمع المذكَّر السَّالم، وكالكسرة في الجمع بألف وتاء مزيدتين، نحو: (أُوَقِّرُ الْأُمَّهَاتِ).

ب –الأصل في المفعول أن يتأخَّر عن الفعل والفاعل، وقد يتوسَّط بينهما، وقد يتقدَّم عليهما، وكلُّ ذلك جائز وواجب، وسوف نستعرضها بعد قليل.

ج –إذا تعدَّى الفعل إلى أكثرَ من مفعول واحد؛ فلبعض المفاعيل الأصالة في التَّقديم، وذلك إذا كان المفعول في الأصل:

  • مبتدأً، كما في باب (ظَنَّ) ممَّا ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر.
  • فاعلاً في المعنى: كما في باب (أعطى وكسا وألبس) ممَّا ينصب مفعولين ليس أصلهما مبتدأً وخبراً، نحو: (أَلْبَسْتُ الصَّغِيرَ ثَوبَهُ الْجَدِيدَ)، فالصَّغير مفعول أوَّل، وهو فاعل من حيث المعنى؛ لأنَّه لَبِسَ الثَّوب.
  • مطلقاً والآخرُ مقيَّدٌ، كقولنا: (اخترت زيداً من القوم)، فالأوَّل مفعول به مطلق صريح، والثَّاني مقيَّد بحرف الجرِّ.

على أنَّ التَّقديم والتَّأخير في ذلك كلِّه جائز لا واجب، ويصبح واجباً في الحالات الآتية:

١ –إذا خيف اللَّبس وليس في الكلام قرينة تُعَيِّنُ الأوَّل أو الثَّاني، نحو: (ظَنَنْتُ مُوسَى عِيسَى).

٢ –إذا كان الثَّاني محصوراً فيه الفعل، نحو: (مَا أَعْطَيتُ زَيداً إِلَّا كِتَاباً، وَمَا أَظُنُّ سَعْداً إِلَّا كَرِيماً).

٣ –إن كان الأوَّل ضميراً والثَّاني اسماً ظاهراً، نحو قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَينَاكَ الْكَوثَرَ}، (سورة الكوثر: ١)

وقد يمتنع الأصل ويَتَعَيَّنُ تأخير ما أصله التَّقديم في الأحوال التَّالية:

١ –إنِ اتَّصل بالأوَّل ضميرُ الثَّاني، نحو: (أَعْطِ الْقَوسَ بَارِيهَا)، فلو قُدِّمَ لعاد الضَّمير إلى متأخِّر في اللَّفظ والرُّتبة وذلك ممتنع.

٢ –إن كان الفعل محصوراً في المفعول الأوَّل، كقولنا: (مَا رَأَيتُ شَاعِراً إلَّا الْمُتَنَبِّي، وَمَا أَعْطَيتُ عَهْدِيَ إِلَّا الْأَمِينَ).

٣ –إن كان الأوَّل ظاهراً والثَّاني مضمراً، نحو: (الْكِتَابُ أَعْطَيتُهُ زَيداً)، فهنا (الكتاب) مبتدأ، والجملة بعده خبره، أو مفعول به منصوب على الاشتغال بفعل محذوف وجوباً تقديره (أعطيتُ الكتابَ…) وجملة الفعل المذكور تفسيريَّة لا محلَّ لها من الإعراب.

د –يجوز حذف المفعول به لأحد غرضين:

الأوَّل: لفظيٌّ مثل:

  • تناسب الفواصل (رؤوس الجُمَلِ)، نحو قوله تعالى: {وَالضُّحَى ۝ وَاللَّيلِ إِذَا سَجَى ۝ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ۝(سورة الضحى: ١ -٣)، أي: وما قلاكَ.
  • أو الإيجاز، كقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا…}، (سورة البقرة: ٢٤).

الثَّاني: معنويٌّ، كاحتقار المفعول، نحو قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}، (سورة المجادلة: ٢٢)، أي: لأغلبنَّ الكافرين.

وقد يكون الحذف ممتنعاً، وذلك في الحالتين الآتيتين:

أ –إن كان المفعول محصوراً، نحو: (مَا فَعَلْتُ إِلَّا الْخَيرَ)، (إِنَّمَا أَكْرَمْتُ زَيداً).

ب –أو إن كان جواباً على سؤال يُطْلَبُ تعيينه، كقولنا: (زَيداً)، لمن سأل: من زُرْتَ؟

اقرأ أيضاً: الاشتغال: تعريفه وأحكام الاسم المشتَغَل عنه

رتبة المفعول به

الأصل أن يتَّصل الفعل بفاعله ثم يأتي المفعول به، وقد يتوسَّط المفعول به ويتأخَّر الفاعل، وقد يتقدَّم المفعول به على الفعل والفاعل، وكلُّ ذلك جائز وواجب، فهي ستُّ حالات:

١ –يتقدَّم الفاعل على المفعول به جوازاً؛ لأنَّه الأصل، كقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيمَانُ دَاوُودَ}، (سورة النَّمل: ١٦).

٢ –يتقدَّم الفاعل على المفعول به وجوباً في ثلاث مسائل:

الأولى: أن يُخْشَى الَّلبس لعدم ظهور الحركات وانعدام القرينة، ومنه قولنا: (أَكْرَمَ أَخِي صَدِيقِي)، و(زَارَ مُوسَى عِيسَى)، فإن وُجِدَتْ قرينة دالَّة على الفاعل؛ جاز التَّقديم والتَّأخير، مثل: (زَارَتْ أُخْتِي أَخِي)، و(زَارَتْ أَخِي أُخْتِي)، فالقرينة في المثالين السَّابقين هي تاء التَّأنيث السَّاكنة الَّتي عيَّنَتِ الفاعل.

الثَّانية: أن يكون المفعول محصوراً بإلَّا أو بإنَّما؛ أي أن يكون الفعل محصوراً في المفعول به دون سواه، نحو: (إِنَّمَا أَكْرَمَ زَيدٌ سَعْداً). وقد أجاز بعضهم تقديم المحصور فيه بإلَّا واستشهدوا بأبيات قليلة تُعَدُّ شاذَّة لا يُقاس عليها وتَخرج عنِ الضَّرورة.

الثَّالثة: أن يكون الفاعل والمفعول ضميرين ولا حصر في أحدهما نحو: (أَكْرَمْتُكَ).

٣ –توسُّط المفعول به جوازاً، كقول جرير:

جَاءَ الْخِلَافَةَ إِذْ كَانَتْ لَهُ قَدَراً * كَمَا أَتَى مُوسَى رَبَّهُ عَلَى قَدَرِ

الشَّاهد: في قوله (أتى ربَّه موسى) حيث قَدَّمَ المفعول وأَخَّر الفاعل جوازاً، والضَّمير في المفعول به (ربَّه) عائد إلى الفاعل (موسى) وهو متقدِّم في الرُّتبة وإن تأخَّر في اللَّفظ.

٤ –توسُّط المفعول به وتأخُّر الفاعل وجوباً في موضعين:

الأوَّل: أن يتَّصل بالفاعل ضمير يعود إلى المفعول به، كقوله تعالى: {يَومَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ}، (سورة غافر: ٥٢). فهنا: الظَّالمين: مفعول به مقدَّم، منصوب بالياء؛ لأنَّه جمع مذكَّر سالم، ومعذرة: فاعل مؤخَّر مرفوع. فلو قُدِّمَ الفاعل لعاد الضَّمير (هم) على المفعول (الظَّالمين) وهو متأخِّر في اللَّفظ والرُّتبة وذلك ممتنع. وما ورد من شواهد تَقَدَّمَ فيها الفاعل المتَّصل بضمير المفعول خرج على الضَّرورة الشِّعريَّة، كقول أبي الأسود الدُّؤليِّ:

جَزَى رَبُّهُ عَنِّي عَدِيَّ بنَ حَاتِمِ * جَزَاءَ الْكِلَابِ الْعَاوِيَاتِ وَقَدْ فَعَلْ

فالشَّاهد في قوله (جزى ربَّه عديَّ بن حاتم) حيث قَدَّمَ الفاعل المتَّصل بضمير المفعول به فعاد الضَّمير إلى متأخِّر في اللَّفظ والرُّتبة، وهو محظور.

وكقول سليط بن سعد:

جَزَى بَنُوهُ أَبَا الْغَيْلَانِ عَنْ كِبَرٍ * وَحُسْنِ فِعْلٍ كَمَا يُجْزَى سِنِمَّارُ

فالشَّاهد: في قوله (جزى بنوه أبا الغيلان)، ويقال فيه ما قيل في البيت السَّابق.

الثَّاني: أن يكون الفاعل محصوراً بـ

  • إنَّما، كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، (سورة فاطر: ٢٨).
  • أو بإلَّا، مثل: (لَا يَجْتَازُ الصِّعَابَ إِلَّا الشُّجَاعُ الْمِقْدَامُ)، وما أجازه بعضهم من تقديم الفاعل المحصور فيه بإلَّا فضرورة لا يقاس عليها.

٥ –تقديم المفعول به على الفعل والفاعل جوازاً، في مثل قوله تعالى: {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}، (سورة البقرة: ٨٧).

٦ –تقديم المفعول به على الفعل والفاعل وجوباً في موضعين:

الأوَّل: أن يكون من ألفاظ الصَّدارة، مثل:

  • أسماء الشَّرط، نحو: (مَنْ تَلْقَ فَأَحْسِنْ تَحِيَّتَهُ).
  • وأسماء الاستفهام، نحو قوله تعالى: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ}، (سورة غافر: ٨). أيَّ: اسم استفهام، مفعول به مقدَّم لـ تنكرون، منصوب بالفتحة.
  • و(كم) الخبريَّة، نحو: (كَمْ كِتَابٍ قَرَأْتُ)، كم: خبريَّة تكثيريَّة في محلِّ نصب، مفعول به مقدَّم للفعل قرأت، كتابِ: تمييز كم الخبريَّة.
  • و(كأيِّنْ) الخبريَّة، نحو: (كَأَيِّنْ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ قَدَّمْتُ)، كأيِّن: اسم كناية (أي بمعنى كم، فهي خبريَّة) في محلِّ نصب، مفعول به مقدَّم للفعل (قدَّمت)، وتمييزها مجرور بمن، متعلِّقان بـ كأيِّن نفسها.

ويجب التَّقديم كذلك إن كان المفعول به اسماً مضافاً إلى ماله الصَّدارة، مثل: (كِتَابَ مَنْ قَرَأْتَ؟)، كتاب: مفعول به مقدَّم وجوباً لإضافته إلى (مَنْ) الاستفهاميَّة، وهي من ألفاظ الصَّدارة.

الثَّاني: أن يقع عامله (أي ناصب المفعول به) في جواب (أمَّا) الشَّرطيَّة التَّفصيليَّة ظاهرة، كقوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}، (سورة الضُّحى: ٩)، أو مقدَّرة، نحو قوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}، (سورة المدَّثِّر: ٣).

وليس للعامل منصوب غير المفعول متقدِّم على الفاء، وقد أوجبوا التَّقديم كراهة أن تلي الفاء الرَّابطة (أمَّا) مباشرة، ولذا كان التَّقديم جائزاً لا واجباً في مثل قولنا: (أَمَّا الْيَومَ فَأَكْرِمْ زَيداً) لجواز تقدُّم الظَّرف ووقوعه فاصلاً.

العامل في المفعول به

أوَّلاً: ما الَّذي يعمل في المفعول به؟

العامل في المفعول به هو الفعل المتعدِّي كما رأينا في الأمثلة.

وما يعمل عمل الفعل المتعدِّي، مثل:

١ –المصدر، نحو: (يَسُرُّنِي حِفْظُكَ وَقْتَكَ)، فكلمة (حفظ) فاعل، وهو مصدر، والكاف في محل جرٍّ بالإضافة من إضافة المصدر إلى فاعله. و(وقت): مفعول به للمصدر، والكاف مضاف إليه في محلِّ جرٍّ.

٢ –اسم المصدر، نحو: (يُحْمَدُ عَونُ الْأَخِ أَخَاهُ)، فالمصدر ما دلَّ على حدث مجرَّد من الزَّمان، نحو: إعانة وتسليم وإعطاء، واسم المصدر ما دلَّ على معنى المصدر ونقص عن حروف فعله، نحو: عون وسلام وعطاء. وفي هذا المثال: أخاه: مفعول به لاسم المصدر (عون) منصوب، وعلامة نصبه الألف؛ لأنَّه من الأسماء السِّتَّة.

٣ –اسم الفاعل، نحو: (أَطَلَّ الرَّبِيعُ حَامِلاً سِحْرَهُ وَزَهْرِهُ).

٤ –اسم المفعول، نحو: (الْمُجِدُّ مُعْطىً مُكَافَأَةً)، فكلمة (معطى) خبر للمُجِدٍّ، وفيه ضمير مستتر تقديره (هو) نائب فاعل وهو المفعول الأوَّل، وكلمة (مكافأة) مفعول به ثانٍ.

وقد يُنْصَبُ الاسم على شبه المفعوليَّة بعد الصِّفة المشبَّهة، نحو: (زَيدٌ حَسَنٌ خُلُقَهُ).

والمعنى: قد يُحَوَّلُ إسناد الصِّفة المشبَّهة إلى الضَّمير؛ فيُنْصَبُ المرفوع على شبه المفعوليَّة، والأصل: (زيد حسن خلقُهُ)، ثم جُعِلَ الفاعل ضميراً مستتراً ونُصِبَ الاسم على شبه المفعوليَّة، ولا يُعْرَبُ مفعولاً به؛ لأنَّ الصِّفة المشبَّهة تصاغ من اللَّازم لا من المتعدِّي.

ثانياً: حذف العامل في المفعول به جوازاً أو وجوباً

الأصل في العامل أن يكون مذكوراً، وقد يُحْذَفُ جوازاً أو وجوباً.

يحذف العامل جوازاً إن كان في الكلام ما يدلُّ عليه وانتفى الموجب للحذف أو المانع منه، كقولك: (زَيداً) في جواب من سألك: (مَنْ أُكْرِمَ؟).

يُحْذَفُ العاملُ وجوباً في المواضع الآتية:

١ –في باب الاشتغال، نحو: (زَيداً أَكْرَمْتُهُ) لأنَّ الفعل المذكور عَوَّضَ عن المحذوف، والعوض والمعوَّض لا يجتمعان.

٢ –في باب النِّداء، نحو: (يَا أَعْدَلَ النَّاسِ).

٣ –في الإغراء بشرط التَّكرار أو العطف، نحو: (الْجِهَادَ الْجِهَادَ)، أو (الْمُرُوءَةَ الْمُرُوءَةَ).

٤ –في التَّحذير بـ (إيَّاك) وفروعه، أو بشرط التَّكرار أو العطف، نحو: (إِيَّاكَ وَالْمِرَاءَ) أو (إِيَّاكَ وَالتَّهَاوُنَ) أو (الذُّلَّ الذُّلَّ) أو (الذُّلَّ وَالْمَهَانَةَ).

٥ –في أسلوب الاختصاص، نحو: (نَحْنُ الْعَرَبَ أَوفَى النَّاسِ ذِمَّةً وَأَكْرَمُهُمْ نَفْساً).

٦ –في الأمثال؛ لأنَّها لا تتغيَّر، كقولهم: (الْكِلَابَ عَلَى الْبَقَرِ) أي: أرسل الكلاب على البقر. وكقولهم: (كُلَّ شَيءٍ وَلَا شَتِيمَةَ حُرٍّ) أي: افعل كلَّ شيء …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى