دروس النحو

المبتدأ: تعريفه وأنواعه وأحكامه

المبتدأ والخبر اسمان تتم بهما جملة مفيدة وتربط بينهما علاقة الإسناد، نحو: العلمُ نور.

وجملة المبتدأ والخبر جملة اسمية أسند فيها الخبر إلى المبتدأ.

فالمبتدأ مسند إليه أو محكوم عليه، والخبر مسند أو محكوم به.

أولاً: تعريف المبتدأ

هو اسم مجرد من العوامل اللفظية، نحو: الحقُّ يَعلو ولا يُعلى عليه.

أو هو الاسم أو ما يقوم مقامَهُ.

وهو الركن الأول في تركيب الجملة الاسمية.

ثانياً: أنواع المبتدأ

للمبتدأ أنواع عدة نذكر منها:

١ –اسم ظاهر صريح، نحو: السماءُ صافيةٌ، وزيدٌ قادمٌ.

٢ –ضمير منفصل، نحو: أنتَ كريمٌ.

٣ –مصدر مؤول: يسبك مع حرفِ مصدر وما بعده، كقوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم}.

فالمصدر المؤول من أنْ وما بعدها في محل رفع، مبتدأ، والتقدير: وصيامُكُمْ خير لكم.

ونحو قوله تعالى: {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم}، وتقديره: إنذارُكَ وعدمه سواء.

فإنذارك: مبتدأ، وسواء: خبر.

وقد تتصل به الباء أو مِنْ الزائدتان، كقوله صلى الله عليه وسلم: «بِحَسْبِ ابن آدم بعض من لقيمات يقمن صلبه».

وكقوله تعالى: {هل من خالقٍ غير الله}.

أو تتصل به رب الشبيهة بالزائدة، نحو: رب أخٍ لك لم تلده أمك.

وعلامة الرفع في هذه الأمثلة مقدرة، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة العارضة بسبب حرف الجر، أو نقول: اسم مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه مبتدأ.

ثالثاً: أحكام المبتدأ

يشترط في المبتدأ أن يكون معرفة؛ لأنه مسند إليه أو محكوم عليه، والإسناد إلى مجهول أو الحكم عليه لا يفيد.

لذلك لا يبتدأ بالنكرة إلا إذا أفادت، وقد بالغ النحاة في تعداد مواضع النكرة المفيدة فوصلوا بها إلى أربعين موضعاً أو تزيد، لذا سنحاول إيراد أبرز هذه المواضع فيما يلي:

أ -مواضع الابتداء بالنكرة

١ –أن تتلو هذه النكرةُ نفياً أو استفهاماً:

أ –نفياً، نحو: ما معروفٌ ضائع.

ب –استفهاماً، كقوله تعالى: {أإلهٌ مع الله}.

٢ –أن تكون من الألفاظ المبهمة، نحو:

أ -أسماء الشرط، كقول الشاعر:

مَـنْ يـفـعـل الـخـيـر لا يـعــدم جــوازيــه … لا يـذهـــب الـعــرف بـيـن الــلــه والـنـاس

مـن: اســــم شــــرط جـــازم مـبـنـــي عـلـى الـســــكون فــي مـحـل رفـــع، مـبـتـدأ.

ب –اسم الاستفهام، نحو: مَنْ فاز في الاختبار؟

وكقول بِشامة بن حزْن النَّهشلي:

لـــو كـــان فـــي الألـــف مــنـــا واحــــد فَـــدَعَـــوا … مَـــنْ فـــارسٌ؟ خـــالــهـــم إيــــاه يـعـنـــونـــا

وجه الاستشهاد: جاز الابتداء بالنكرة (مَنْ) لأنها من الألفاظ المبهمة، أي اسم استفهام.

ج –كم الخبرية، نحو: كم فائدةٍ للكتاب الجيد.

د –ما التعجبية، نحو: ما أجمل الربيع!

٣ –أن يخبر عن النكرة بظرف أو جار ومجرور متقدمين عليها، كقوله تعالى: {ولدينا مزيدٌ}، وكقوله عز وجل: {وعلى أبصارهم غشاوةٌ}.

٤ –أن تتخصص النكرة بالوصف، نحو: عدوٌّ عاقل خير من صديق جاهل. وقد يكون النعت معنوياً كما في الأسماء المصغرة، ومثاله: طويلبٌ نبغ في العلم.

٥ –أن تكون النكرة بمعنى الفعل فتدل على:

أ -دعاء وهذا الدعاء نوعان:

دعاء بخير، نحو قوله تعالى: {سلامٌ عليكم}.

–دعاء بِشَرٍّ، كقوله تعالى: {ويلٌ للمطففين}.

ب –تعجب، نحو: عجبٌ لهند.

ج –مدح، نحو: عالمٌ يحاضر في المركز.

د –ذم، نحو: جبانٌ فرَّ من المعركة.

٦ –أن تكون النكرة عاملة عمل الفعل، نحو: أمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة.

ومن هذا النوع النكرة المضافة؛ لأن المضاف يعمل في المضاف إليه نحو: طلبُ العلمِ فريضةٌ.

وقد يكون المضاف إليه محذوفاً يفهم من الكلام، مثل: كلٌّ محاسَبٌ بعمله. أي كلُّ إنسانٍ.

٧ –العطف بشرط صحة الابتداء بأحد المتعاطفين، كقوله تعالى: {قولٌ معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى}.

٨ –أن تكون النكرة في صدر الجملة الحالية:

أ -سواء سبقتها واو الحال، نحو: أُكِبُّ على المطالعة وأملٌ يدفعني.

ب –أم تجردت من الواو الحالية، نحو: أُعِينُ الضعفاءَ إيمانٌ يسوقني.

٩ –أن تأتي بعد ما يختص بالدخول على المبتدأ أو يغلب دخوله عليه مثل:

أ -لام الابتداء، نحو: لَرَجُلٌ حاضرٌ.

ب –أو إذا الفجائية، نحو: خرجت فإذا رجلٌ.

ج –أو لولا، نحو: لولا علمٌ لساد الدنيا ظلامٌ.

١٠ –أن يراد بالنكرة التنويع والتقسيم كقول الشاعر:

فــيــوم عـلـيـنـا ويــوم لـنـا … و يـوم نُـسَـــاءُ ويـوم نُـسَــــرُّ

ب –حذف المبتدأ

الأصل في المبتدأ أن يُذْكَرَ وقد يحذَفُ إن دل عليه دليل، وحذفه على نوعين:

١ –حذف المبتدأ جوازاً: يحذف المبتدأ جوازاً إن وجد الدليل على المحذوف وانتفى الموجب للحذف وانعدم المانع، مثل قوله تعالى: {من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها}.

هنا (مَنْ) اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ.

فلنفسه: الفاء رابطة للجواب، لنفس: جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ المحذوف، والتقدير: فعمله لنفسه وإساءته عليها.

٢ –حذف المبتدأ وجوباً: يحذف المبتدأ وجوباً في أربعة مواضع:

أ –إن أُخْبِرَ عنه بنعت يفيد:

-المدحَ، نحو: رحبت المعلمةُ بالطالبِ المجتهدُ.

-الذم، نحو: حُكِمَ على المجرمِ السفاحُ.

-الترحم، نحو: أين جارَكَ الضعيفُ.

فالمجتهد والسفاح والضعيف نعوت للأسماء التي قبلها توافقها في الحركة، غير أن العرب أرادوا أن ينبهوا إلى أهمية أو خطر هذه الصفات ويلفتوا إليها الأنظار فقطعوها عن النعتية وجعلوها في جملة جديدة مستقلة وأعربوا النعت المقطوع خبراً لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره في هذه الأمثلة: هو المجتهد، وهو السفاح، وهو الضعيف، على التوالي.

أما الجملة فتعرب استئنافية لا محل لها من الإعراب.

ب –إن أخبر عن المبتدأ بمخصوص نعم وبئس مؤخراً عنهما إذا قدر خبراً، نحو: نعم الخلق الصبر، وبئس الخلق الجبن.

فالمخصوص بالمدح أو الذم يمكن أن يعرب خبراً للمبتدأ المحذوف وجوباً، أو مبتدأ والجملة قبله خبره.

ج –أن يخبر عن المبتدأ بمصدر يدل على فعله وينوب عنه كقول العامل: عَمَلٌ متعبٌ، وقول الطالب: دراسةٌ متصلة.

ومن هذا الباب قولنا: سمعٌ وطاعةٌ، أو صبرٌ جميلٌ.

وكل هذه الأمثلة على تقدير مبتدأ محذوف وجوباً لدلالة الكلام عليه، فالتقدير:

عـمـلـي عـمـل مـتـعـب، ودراســــتـي دراســـة مـتـصـلـة، وأمـــري ســــمـع وطاعـــة، وصـبـــري صـبــر جـمـيـل.

د –إن كان الخبر صريحاً في القَسَمِ، نحو: في ذمتي لأفعلن المعروف، بحياتي لأحافظن على الوقت.

والـتـقـديــر: فــي ذمـــتـــي عـــهــد أو مـيـثــاق، وبـحـيـاتـي يتمـيـن أو قـســـم.

والإعراب يكون:

في ذمتي: جار ومجرور متعلقان بالخبر، والمبتدأ محذوف وجوباً لدلالة الخبر الصريح عليه بالقسم.

وجملة لأفعلن المعروف: جواب القسم لا محل لها من الإعراب.




مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى