شرح ألفية ابن مالك

الفعل المعرب والفعل المبني في ألفية ابن مالك

شرحنا في درس سابق عن المعرب والمبني في الأسماء، واليوم نشرح عن الفعل المعرب والفعل المبني، وقد نظمهما ابن مالك في بيتين هما:

وفعل أمر ومضي بنيا … وأعربوا مضارعا إن عريا

من نون توكيد مباشر ومن … نون إناث كيرعن من فتن

شرح المفردات

-وفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضِيٍّ بُنِيَا: أيْ فعلُ الأمرِ والفعلُ الماضي فعلانِ مبنيَّانِ.

لكنَّ البصريِّينَ قالوا إنَّ فعلَ الأمرِ مبنيٌّ، وقالَ الكوفيُّونَ إنَّهُ معربٌ، واختارَ ابنُ مالكٍ قولَ البصريِّينَ، وهوَ المشهورُ.

-وَمُضِيٍّ: فعلُ المُضيِّ هوَ الفعلُ الماضي، وأضافَهُ إلى المضيِّ؛ لأنَّهُ مِنْ صِفتِهِ.

-وَأَعْرَبُوا مُضَارِعاً إِنْ عَرِيَا … مِنْ نُونِ تَوْكِيْدٍ مُبِاشَرٍ وَمِنْ … نُوْنِ إِنَاثٍ كَيَرُعْنَ مَنْ فُتِنْ:

الفعلُ المضارعُ معربٌ بشرطِ ألَّا تتَّصلَ فيهِ نونُ التَّوكيدِ بشكلٍ مباشرٍ، وألَّا تتَّصلَ بِهِ نونُ النِّسوةِ.

-وَأَعْرَبُوا مُضَارِعاً: أيْ: فعلاً مضارعاً، يريدُ أنَّهُمْ لمْ يُعاملُوهُ معاملةَ أخويْهِ في البناءِ، بلْ أعربُوهُ كما أعربوا الاسمَ، وضميرُ (أعربوا) عائدٌ على العربِ.

-عَرِيَا: تجرَّدَ، فلمْ تتَّصلْ بِهِ نونُ توكيدٍ أوْ نسوةٍ.

-نُونِ تَوْكِيْدٍ: تشملُ نوني التَّوكيدِ الثَّقيلةَ والخفيفةَ.

-مُبِاشَرٍ: المباشرةُ هيَ الملامسةُ والملاصقةُ منْ غيرِ حائلٍ، لأنَّ نونَ التَّوكيدِ تارةً تكونُ متَّصلةً مباشرةً بالفعلِ منْ غيرِ فاصلٍ يفصلُ بينهما، نحوُ: هلْ تذهبنَّ. فإذا اتَّصلَتْ بالمضارعِ نونُ التَّوكيدِ مباشرةً بُنِيَ على الفتحِ.

وتارةً تكونُ غيرَ متَّصلةٍ بالفعلٍ مباشرةً؛ إمَّا حقيقةً: كاتِّصالِها معَ ألفِ الاثنينِ إذا لحقَتْ الفعلِ، نحوُ: هلْ تضربانِّ يا زيدانِ؟

وإمَّا حُكماً: كما إذا لحقَ الفعلَ واوُ جماعةٍ أو ياءُ المؤنَّثةِ المخاطبةِ، نحوُ: هلْ تضربُنَّ يا زيدونَ؟ وهلْ تضربِنَّ يا هندٌ؟ فإنَّ النُّونَ وإنْ باشرَتْ الفعلَ لفظاً، هيَ غيرُ مباشرةٍ حكماً؛ إذْ أصلُهُ: هلْ تضربونَ وهلْ تضربينَ؟ لكنْ حُذِفَ حرفُ العلَّةِ لالتقاءِ السَّاكنينِ، وبقيَتِ الضَّمَّةُ دالَّةً على الواوِ المحذوفةِ، والكسرةُ دالَّةً على الياءِ، كذلِكَ فالفاصلُ هنا في حكمِ الموجودِ.

-نُوْنِ إِنَاثٍ: هيَ نونُ النِّسوةِ.

-كَيَرُعْنَ مَنْ فُتِنْ: أيْ يُفْزَعْنَ، الَّذي فُتِنَ بِهِنَّ؛ لأنَّهُ يخافُ منهُنَّ ماذا يفعلْنَ بِهِ؟ أيأخذْنَ قلبَهُ حتَّى يمشي وراءَهُنَّ؟

ما القاعدة المستفادة؟

-الفعلُ قسمانِ: مبنيٌّ ومعربٌ، وأصلُهُ البناءُ فجاءَ الأمرُ والماضي على وفقِ الأصلِ. وإنَّما بُنيا لفقدِ العلَّةِ الموجبةِ للإعرابِ فيهما.

أمَّا المضارعُ فإنَّهُ أُعربَ لشبهِهِ بالاسمِ في الإبهامِ، والتَّخصيصِ، ودخولِ لامِ الابتداءِ، والجريانِ على لفظِ اسمِ الفاعلِ في الحركاتِ والسَّكناتِ، وعددِ الحروفِ، وتعيينِ الحروفِ الأصولِ والزَّوائدِ.

ويعربُ المضارعُ إنْ لمْ تتَّصلِ بِهِ إحدى نوني التَّوكيدِ، نحوُ قولِهِ تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ}، وإنْ لمْ تتَّصلِ بِهِ نونُ النِّسوةِ، نحوُ: النِّساءُ يربِّينَ الأولادَ.

-لمْ يذكرْ ابنُ مالكٍ ما يُبنى عليهِ الأمرُ والماضي، أمَّا الأمرُ فإنَّهُ يُبنى على ما يُجزمُ بِهِ لوْ كانَ مضارعاً، فإنْ كانَ صحيحَ الآخرِ بُنيَ على السُّكونِ، نحوُ: اضربْ، وإنْ كانَ معتلَّ الآخرِ حُذِفَ آخرُهُ، نحوُ: اغزِ، ارمِ، اخشَ، أوْ ممَّا يُرفعُ بالنُّونِ حُذِفَ آخرُهُ أيضاً، نحوُ: اضربا، واضربوا، واضربي.

أمَّا الماضي: فإنَّهُ يُبنى على الفتحِ، نحوُ: ضَرَبَ وانطلقَ، ما لمْ يتَّصلْ بِهِ ضميرٌ مرفوعٌ لمتكلِّمٍ أوْ مخاطَبٍ أوْ جمِع مؤنَّثٍ غالباً فيسكَّنُ آخرُهُ، فإنِ اتَّصلَ بِهِ واوُ جمعِ ضُمَّ آخرُهُ … إلخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى