شرح ألفية ابن مالك

إعراب الاسم المقصور والمنقوص

قالَ ابنُ مالكٍ:

46 -وَسَمِّ مُعْتَلّاً مِنَ الْأَسْمَاءِ مَا … كَالْمُصْطَفَى وَالْمُرْتَقِي مَكَارِمَا

47 -فَالْأَوَّلُ الْإِعْرَابُ فِيْهِ قُدِّرَا … جَمِيْعُهُ وَهُوَ الَّذِي قَدْ قُصِرَا

48 -وَالثَّانِ مَنْقُوْصٌ، وَنَصْبُهُ ظَهَرْ … وَرَفْعُهُ يُنْوَى كَذَا أَيْضاً يُجَرْ

شرحُ مفرداتِ الأبياتِ:

-وَسَمِّ مُعْتَلّاً مِنَ الْأَسْمَاءِ مَا … كَالْمُصْطَفَى وَالْمُرْتَقِي مَكَارِمَا: أيْ أَطْلِقْ اسمَ (المعتلِّ)، يريدُ (المقصورَ والمنقوصَ)، على الاسمِ الَّذي حَرفُ إعرابِهِ ألفٌ ليِّنةٌ لازمةٌ، مثلُ: المصطفى، ومثلُهُ: موسى والعصا، وهوَ المقصورُ.

أوْ كالَّذي حرفُ إعرابِهِ ياءٌ لازمةٌ قبلَهَا كسرةٌ كالمرتقي، وهوَ المنقوصُ، ومَكارماً: تتمَّةُ المثالِ.

وقدْ سمَّى ابنُ مالكٍ كلّاً مِنْ هذينِ الاسمينِ معتلّاً؛ لأنَّ آخرَهُ حرفُ علَّةٍ، أوْ لأنَّ الأوَّلَ، وهوَ المقصورُ، يُعلُّ آخرُهُ بالقلبِ: إمَّا عنْ ياءٍ، نحوُ: الفتى، أوْ عنْ واوٍ، نحوُ: المصطفى، والمنقوصُ يُعلُّ آخرُهُ بالحذفِ.

-فَالْأَوَّلُ الْإِعْرَابُ فِيْهِ قُدِّرَا: أيْ إنَّ الأوَّلَ مِنْ هذينِ الاسمينِ، وهوَ المصطفى، يُقدَّرُ فيهِ الإعرابُ على الألفِ للتَّعذُّرِ.

-جَمِيْعُهُ: أيْ يُقدَّرُ فيهِ جميعُ الإعرابِ، أيْ: جميعُ أنواعِ الإعرابِ الَّتي تَصلحُ لَهُ، وهيَ الرَّفعُ والنَّصبُ والجرُّ، فتقولُ: جاءَ الفتى، ورأيْتُ الفتى، ومررْتُ بالفتى.

-وَهُوَ الَّذِي قَدْ قُصِرَا: أيْ سُمِّيَ مقصوراً، والقَصْرُ: الحَبْسُ، وسُمِّيَ بذلِكَ؛ لأنَّهُ محبوسٌ عنِ المدِّ، فهوَ مقصورٌ عنِ التَّمامِ، أوْ لقصرِ آخرِهِ مِنْ أنْ تَظهرَ عليهِ حركاتُ الإعرابِ.

-وَالثَّانِ مَنْقُوْصٌ: أيْ هوَ كالمرتقي، سُمِّيَ منقوصاً لحذفِ لامِهِ للتَّنوينِ، أوْ لأنَّهُ نَقَصَ منهُ ظهورُ بعضِ الحركاتِ.

-وَنَصْبُهُ ظَهَرْ: أيْ تظهرُ عليهِ علامةُ النَّصبِ، وهيَ الفتحةُ لخِفَّتِهَا، كقولِهِ تعالى: {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ}.

-وَرَفْعُهُ يُنْوَى: أيْ علامةُ رفعِهِ تُقَدَّرُ على الياءِ ولا تَظهرُ، كقولِهِ تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ}، {لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، فعلامةُ الرَّفعِ ضمَّةٌ مقدَّرةٌ على الياءِ الموجودةِ أوِ المحذوفةِ.

-كَذَا أَيْضاً يُجَرْ: أيْ علامةُ جرِّهِ تُقدَّرُ، أيضاً، على الياءِ، ولا تظهرُ كالرَّفعِ، كقولِهِ تعالى: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ}، و {أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ}.

ولمْ يظهرِ الرَّفعُ والجرُّ استثقالاً، لا تعذُّراً، لإمكانِهِمَا، وقدْ ظهرا في الشِّعْرِ كقولِ جريرٍ:

فَيَوْماً يُوافِينَ الْهَوَى غيرَ مَاضِيٍ … ويوماً ترى مِنْهنَّ غولاً تَغَوَّلُ

وقولِ الشَّاعرِ:

لَعَمْرُكَ مَا تَدري متى أنتَ جَائِيٌ … وَلَكنَّ أَقصَى مُدَّةِ العُمْرِ عَاجِلُ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى