حركة نون جمع المذكر السالم والمثنى واللغات فيها
–ونون مجموع وما به التحق … فافتح وقل من بكسره نطق
-ونون ما ثني والملحق به … بعكس ذاك استعملوه فانتبه
الشرح
–وَنُونُ مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ … فَافْتَحْ وَقَلَّ مَنْ بِكَسْرِهِ نَطَقْ
-وَنُونُ مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ: أيْ: نونُ جمعِ المذكَّرِ السَّالمِ والملحقِ بِهِ حركتُهَا الفتحُ، سواءً كانَ مرفوعاً أوْ مجروراً أوْ منصوباً، نحوُ: مسلمونَ، ومسلمينَ.
-فَافْتَحْ: أيْ: افتحَ طلباً للخفَّةِ مِنْ ثقلِ الجمعِ، وفرقاً بينَهُ وبينَ نونِ المثنَّى.
فحُرِّكَتْ النُّونُ في الجمعِ لالتقاءِ السَّاكنينِ، وخُصَّتْ بالكسرِ على أصلِ التقاءِ السَّاكنينِ.
-وَقَلَّ مَنْ بِكَسْرِهِ نَطَقْ: أرادَ أنَّ الَّذينَ كسرُوا هذهِ النَّونَ مِنَ العربِ قليلٌ، فقالَ: المسلمينِ.
وكسرُهَا شاذُّ للضَّرورةِ، وممَّا وردَ منْهُ قولُ جريرٍ:
عَرَفْنَا جَعْفَرا وبنِي أبِيهِ … وأنكَرْنَا زعَانِفَ آخَرِينِ
حيثُ حرَّك النَّونَ في (آخرينَ) بالفتحةِ؛ للضَّرورةِ الشِّعريَّةِ.
-وقالَ ابنُ مالكٍ في شرحِ تسهيلِ الفوائدِ: «ويجوزُ أنْ تكونَ كسرةُ نونِ الجمعِ وما حُمِلَ عليهِ لغةً، كما أنَّ فتحَ نونِ المثنَّى وما حُمِلَ عليهِ لغةٌ، ومِنْ كسرِ نونِ الجمعِ ما أنشدَ ثعلبٌ مِنْ قولِ الشَّاعرِ:
إنِّي أبِيٌّ أبِيٌّ ذوْ محافَظةٍ … وابنُ أبيٍّ أبِيٍّ مِنْ أبيِّيْنِ»
-لكنَّ أبا حيَّانَ الأندلسيَّ ردَّ قولَ ابنِ مالكٍ، فقالَ في التَّذييلِ والتَّكميلِ في شرحِ كتابِ التَّسهيلِ: «وليسَ كما ذَكَرَ؛ لأنَّ النَّحْويِّينَ نصُّوا على أنَّ كسرَ نونِ الجمعِ ضرورةً، ولمْ ينقلْ أحدٌ أنَّها لغةٌ، وأمَّا فتحُ نونِ الاثنينِ؛ فمنقولٌ أنَّهَا لغةٌ».
وَنُونُ مَا ثُنِّيَ وَالْمُلْحَقِ بِهِ … بِعَكْسِ ذَاكَ اسْتَعْمَلُوهُ فَانْتَبِهْ
-وَنُونُ مَا ثُنِّيَ وَالْمُلْحَقِ بِهِ: نحوُ: طالبانِ، وطالبَيْنِ، والمحلقُ بِهِ، نحوُ: اثنانِ واثنتانِ.
-بِعَكْسِ ذَاكَ: أيْ: بعكسِ حركةِ النُّونِ في جمعِ المذكَّرِ، ففي المثنَّى تُكسرُ.
-اسْتَعْمَلُوهُ: فكسروهُ كثيراً على الأصلِ في التقاءِ السَّاكنينِ، وفتحوهُ قليلاً بعدَ الياءِ، نحوُ: الزَّيدانَ والعُمَرَيْنَ.
-فَانْتَبِهْ: لذلِكَ.
فحركةُ نونِ المثنَّى الكسرُ، لكنَّ فتحَهَا لغةٌ قليلةٌ عندَ بعضِ العربِ، وهذهِ اللُّغةُ حكاهَا الكِسائيُّ والفرَّاءُ، كقولِ حميدِ بنِ ثورٍ:
عَلَى أَحْوَذِيَّيْنَ اسْتَقَلَّتْ عَشِيَّةً … فَمَا هِيَ إلاَّ لَمْحَةٌ وتَغِيبُ
أَحْوَذِيَّيْنَ: حيثُ فُتِحَتْ نونُ المثنَّى على لغةِ بعضِ العربِ. وليسَ الفتحُ، هنا، ضرورةٌ لأنَّ الكسرَ يصحُّ معهُ الوزنُ.