شرح ألفية ابن مالك

إعراب الفعل المعتل في ألفية ابن مالك

قالَ ابنُ مالكٍ:

٤٩ -وَأَيُّ فِعْلٍ آخِرٌ مِنْهُ أَلِفْ … أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ فَمُعْتَلّاً عُرِفْ

٥٠ -فَالْأَلِفَ انْوِ فِيْهِ غَيْرَ الْجَزْمِ … وَأَبْدِ نَصْبَ مَا كَيَدْعُو يَرْمِي

٥١ -وَالرَّفْعَ فِيْهِمَا انْوِ وَاحْذِفْ جَازِمَا … ثَلَاثَهُنَّ تَقْضِ حُكْماً لَازِمَا

شرحُ مفرداتِ الأبياتِ

-وَأَيُّ فِعْلٍ آخِرٌ مِنْهُ أَلِفْ … أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ فَمُعْتَلّاً عُرِفْ: ومعناهُ: إذا كانَ الفعلُ منتهياً بألفٍ أوْ واوٍ أوْ ياءٍ فهوَ معتلٌّ، نحوُ: يخشى، يدعو، يرمي.

-فَالْأَلِفَ انْوِ فِيْهِ غَيْرَ الْجَزْمِ: أيْ إذا كانَ آخرُ الفعلِ (ألفاً)، فانوِ أيْ: قَدِّرْ فيهِ الحركاتِ ولا تُظهرْهَا، (غيرَ الجزمِ)، أيْ: عندَ الرَّفعِ والنَّصبِ فقطْ، كقولِهِ تعالى: {سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ}، فالفعلُ يصلى: مضارعٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ المقدَّرةُ على الألفِ للتَّعذُّرِ.

ونحوِ قولِهِ تعالى: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}، فالفعلُ تزكَّى: مضارعٌ منصوبٌ بأنْ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ المقدَّرةُ على الألفِ للتَّعذُّرِ.

والمعنى: قَدِّرِ الضَّمَّةَ والفتحةَ ولا تُظْهِرْهُمَا على الفعلِ المنتهي بالألفِ إنْ كانَ مرفوعاً أوْ منصوباً، أمَّا إنْ كانَ مجزوماً فالألفُ تُحذفُ.

-وَأَبْدِ نَصْبَ مَا كَيَدْعُو يَرْمِي: أيْ أظهرِ الفتحةَ على الفعلِ الَّذي ينتهي بواوٍ وياءٍ، ومَثَّلَ ابنُ مالكٍ لقولِهِ بالفعلينِ: يدعو ويرمي، نحوُ: لنْ يدعوَ، ولنْ يرميَ.

ومثالُهُ قولُهُ تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}.

وقولُهُ عزَّ وجلَّ: {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً}.

-وَالرَّفْعَ فِيْهِمَا انْوِ: أيْ قَدِّرِ الرَّفعَ ولا تُظْهِرْهُ فيهِمَا، وهما الفعلانِ يدعو ويرمي، نحوُ: يدعو زيدٌ عمراً، ويرمي زيدٌ سهامَهُ.

ومثالَهُ قولُهُ تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

-وَاحْذِفْ جَازِمَا ثَلَاثَهُنَّ: أيْ إذا كانَ الفعلُ مجزوماً فاحذفْ أحرفَ العلَّةِ الثَّلاثةِ، وهيَ الألفُ والواوُ والياءُ، نحوُ: لمْ يخشَ زيدٌ عمراً، ولمْ يدعُ زيدٌ عمراً، ولمْ يرمِ زيدٌ سهامَهُ.

ومثالُهُ مَنَ القرآنِ قولُهُ تعالى: {أَلَـمْ تَرَ}، {وَلَـمَّـا يَأْتِكُمْ مَثَلُ}، {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا}.

فإذا قال القائل لماذا تظهر الفتحة على الياء والواو ولا تظهر على الألف؟ نقول: لأن الألف صامتة لا تلين ولا تقرأ، ولهذا قلنا: المانع من الظهور تعذر، والياء لينة، وكذلك الواو لينة ليست ثقيلة ولا غليظة، ولهذا تحتمل الفتحة لخفتها، ولا تحتمل الضمة لثقلها، فاجتمع أمران: الأمر الأول: أن الياء سهلة وكذلك الواو، بخلاف الألف.

والثاني أنها تظهر عليها الفتحة لخفتها، ولأن حرف العلة فيه لين، ولهذا يمكن أن تظهر عليه الضمة لكن بثقل، فيمكن أن تقول: (فلان يدعوُ ربه) (فلان يمشيُ على الأرض)، لكن هذا فيه ثقل في النطق.

-تَقْضِ حُكْماً لَازِمَا: أيْ: تحكمُ حكماً لازماً، فالحذفُ هوَ الحكمُ اللَّازمُ الَّذي لا بُدَّ منهُ.

وأرادَ بهذا الكلامِ: أنَّ حذفَ حرفَ العلَّةِ مِنْ آخرِ الفعلِ للجازمِ أمرٌ لا بدَّ منهُ، يعني في القياسِ، فإنَّ السَّماعَ لا يلزمُ فيهِ هذا، ففي ضرورةِ الشِّعرِ فقدْ تثبتُ هذهِ الأحرفُ ويُقدَّرُ الجزمُ، كقولِ قيسِ بنِ زهيرٍ:

أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالأَنْبَاءُ تَنْمِي … بِمَا لاَقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ

وقولِ زَبَّانَ بنِ العلاءِ:

هَجَوْتَ زَبَّانَ ثُمَّ جِئْتَ مُعْتَذِرا … مِنْ هَجْوِ زَبَّانَ لَمْ تَهْجُو وَلَمْ تَدَعِ

وقولِ عبدِ يَغُوثَ بنِ وقَّاصٍ الحارثيِّ:

وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ … كَأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أَسِيرا يَمَانِيَا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى