شرح ألفية ابن مالك

تعريف العلم في ألفية ابن مالك

قال ابن مالك في ألفيته متحدثاً عن العلم:

–اسم يعين المسمى مطلقا … علمه كجعفر وخرنقا

–وقرن وعدن ولاحق … وشدقم وهيلة وواشق

معاني البيتين

–اِسْمٌ يُعَيِّنُ الْمُسَمَّى مُطْلَقَا … عَلَمُهُ كَجَعْفَرٍ وَخِرْنِقَا

تعريفُ العَلَمِ عندَ النَّحويَّينَ: هوَ اسمٌ يُعَيِّنُ المُسَمَّى تعييناً مُطْلَقاً.

-اِسْمٌ: أي إنَّ العَلَمَ يُعَدُّ مِنَ الأسماءِ ولا يكونُ في الأفعالِ أوِ الحروفِ، إلَّا إنْ سُمِّيَ بِهَا، نحوُ: يزيدُ، ويحيى.

فذَكَرَ (اسمٌ) لأنَّهُ الجنسُ الأقربُ للعَلَمِ، ولو قالَ: لفظٌ أو كلمةُ لكانَ بعيداً عنِ العَلَمِ.

-يُعَيِّنُ الْمُسَمَّى: أي يوضِّحُهُ ويُبَيِّنُهُ، حتَّى يصيرَ كالمشارِ إليهِ، وخَرَّجَ بهذا القيدِ النَّكراتِ كلَّهِا، مثلُ: رجلٍ وفرسٍ، فهيَ لا تعيِّنُ مسمَّياتِهَا؛ لأنَّهَا وُضِعَتْ لواحدٍ لا بعينِهِ.

-مُطْلَقَا: أي بلا قيدٍ، فخَرَّجَ بهذا القيدِ بقيَّةَ المعارفِ؛ لأنَّهَا تُعَيِّنُ مُسمَّاهَا بواسطةِ قرينةٍ خارجةٍ عنْ ذاتِ الاسمِ: إمَّا لفظيَّةٍ كـ ال والصِّلةِ، أو معنويَّةٍ كالحضورُ والغيبةِ.

فالعَلَمُ يعيِّنُ مسمَّاهُ بدونِ حاجةٍ إلى واسطةٍ.

-عَلَمُهُ: أي علمُ الأسماءِ هوَ المعيِّنُ لمسمَّاهُ مطلقاً.

فقولُهُ: (علمُهُ) مبتدأٌ، خبرُهُ قولُهُ: (اسمٌ يعيِّنُ المسمَّى) والهاءُ عائدةٌ على (اسمٌ).

ثمَّ ضربَ أمثلةً للعَلَمِ وهيَ:

-كَجَعْفَرٍ: أي مثلَ جعفرٍ، وهوَ مِنْ أسماءِ الرِّجالِ، ويَدخلُ تحتَ هذا المثالِ كلُّ ما كانَ منْ أسماءِ الرِّجالِ نحوُ: زيدٍ وعمروٍ وخالدٍ وما أشبهَ ذلِكَ.

-وَخِرْنِقَا: وهوَ ا سمُ امرأةٍ شاعرةٍ، هيَ خرنقُ بنتُ هِفَّانَ.

ويشملُ المثالُ كلَّ ما كانَ علماً للنِّساءِ، نحوُ: هندٍ وزينبَ وفاطمةَ وحفصةَ وغيرِهَا.

–وَقَرَنٍ وَعَدَنٍ وَلَاحِقِ … وَشَدْقَمٍ وَهَيْلَةٍ وَوَاشِقِ

تابعَ ابنُ مالكٍ ضربَ الأمثلةِ على العَلمِ، ومنهَا:

-قَرَنٍ: وهوَ اسمُ حيٍّ مِنْ مرادٍ، وإليهِ يُنسبُ التَّابعيُّ أويسٌ القرنيُّ رضيَ الله عنهُ، وتدخلُ تحتَ المثالِ أعلامُ القبائلِ والأحياءِ، نحوُ: أسدٍ وغطفانٍ وتميمٍ وثقيفٍ وقريشٍ وغيرِهَا.

-عَدَنٍ: وهوَ اسمُ موضعٍ باليمنِ، ويدخلُ تحتَ هذا المثالِ ما كانَ مثلَهُ مِنْ أسماءِ الأماكنِ والبلدانِ، نحوُ: مكَّةَ، والمدينةِ، ومصرَ، وبغدادَ وغيرِهَا.

-لَاحِقِ: وهوُ اسمُ فرسٍ كانَ لمعاويةَ بنِ أبي سفيانَ رضيَ اللهُ عنهُ، ويدخلُ تحتَ هذا المثالِ ما كانَ مثلُهُ مِنَ أسماءِ الخيلِ، كجِروةَ، وأعوجَ، والنَّعامةِ وغيرِهَا.

-شَدْقَمٍ: وهوَ اسمُ فحلٍ مِنْ فحولِ الإبلِ، كانَ للنُّعمانِ بنِ المنذرِ، ومثلُهُ كلُّ ما كانَ اسماً لجملٍ أو ناقةٍ، كالقصواءِ لناقةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وكذلِكَ العضباءُ، والجدعاءُ.

-هَيْلَةٍ: وهوَ اسمُ شاةٍ، فيدخلُ تحتَهُ ما كانَ مِنْ أسماءِ الشِّياهِ، وقدْ رُويَ أنَّهُ كانَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شاةٌ تُسمَّى (غوثةَ) وقِيلَ: (غيثةَ).

-وَاشِقِ: وهوَ اسمُ كلبٍ، ومثلُهُ مِنْ أسماءِ الكلابِ (كَسَابُ) و(ضَمْرانُ)، و(حذامِ) اسمُ كلبةٍ.

وقَصدَ بهذهِ الأمثلةِ الثَّمانيةِ أنْ يُبيِّنَ مسمَّياتِ الأعلامِ، مِنْ أيِّ نوعٍ تكونُ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى