شرح ألفية ابن مالك

بناء الحروف وألقاب بناء الكلمات

في درسنا اليوم نتابع شرح ألفية ابن مالك ونصل إلى البيتين الحادي والعشرين والثاني والعشرين، وفيه يتكلم ابن مالك عن بناء الحروف وألقاب بناء الكلمات؛ فينظم قائلاً:

–وَكُلُّ حَرْفٍ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَا … وَالأَصْلُ فِي المَبْنِيِّ أَنْ يُسَكَّنَا

–وَمِنْهُ ذُو فَتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَضَمْ … كَأَيْنَ أَمْسِ حَيْثُ وَالسَّاكِنُ كَمْ

معاني المفردات

–وَكُلُّ حَرْفٍ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَا: الحروفُ بكلِّ أنواعِهَا مبنيَّةٌ، وهذا أمرٌ مُـجْمَعٌ عليهِ منْ قبلِ النُّحَّاةِ.

ومنْ هذهِ الحروفِ: حروفُ الجرِّ، وحرفا الاستفهامِ، وحروفُ العطفِ، وغيرُهَا.

-وَالأَصْلُ فِي المَبْنِيِّ أَنْ يُسَكَّنَا: يعني أنَّ الأصلَ في كلِّ مبنيٍّ منَ الاسمِ والفعلِ والحرفِ.

-أَنْ يُسَكَّنَا: أنْ يُبنى على السُّكونِ؛ لأنَّهُ أخفُّ منَ الحركةِ، ولا يُحرَّكُ المبنيُّ إلَّا لسببٍ كالتَّخلُّصِ منَ التقاءِ السَّاكنينِ.

-ومنه ذو فتح وذو كسر وضم … كأين أمس حيث والساكن كم

هنا تحدَّثَ ابنُ مالكٍ عنِ العلاماتِ الَّتي تُبنى عليهَا الكلماتُ، والَّتي تسمَّى ألقابَ البناءِ، وهيَ الحركاتُ.

-وَمِنْهُ: أيْ منَ المبنيِّ، يعني الاسمَ والفعلَ والحرفَ.

ذُو فَتْحٍ … كَأَيْنَ: ومثالُ الكلمةِ المبنيَّةِ على الفتحِ: أينَ، فهوَ إمَّا اسمُ استفهامٍ مبنيٌّ على الفتحِ، نحوُ: أينَ الطالبُ؟، أوْ اسمُ شرطٍ مبنيٌّ على الفتحِ، نحوُ: أينَ تذهبْ تجدْ رزقَكَ.

-وَذُو كَسْرٍ … أَمْسِ: ومثالُ الكلمةِ المبنيَّةِ على الكسرِ: أمسِ، فهوَ ظرفٌ مبنيٌّ على الكسرِ، في محلِّ نصبٍ، مفعولٌ فيهِ، نحوُ: شاهدتُّكَ أمسِ.

-وَضَمْ … حَيْثُ: ومثالُ الكلمةِ المبنيَّةِ على الضَّمِّ: حيثُ، فهوَ ظرفُ مكانٍ، مبنيٌّ على الضَّمِّ، في محلِّ نصبٍ على الظَّرفيَّةِ المكانيَّةِ، نحوُ: اجلسْ حيثُ تكونُ مرتاحاً.

-وَالسَّاكِنُ كَمْ: ومثالُ الكلمةِ المبنيَّةِ على السُّكونِ: كَمْ، الخبريَّةُ والاستفهاميَّةُ، وتُعربُ كمْ الاستفهاميَّةُ: اسمُ استفهامٍ مبنيٌّ على السُّكونِ، وكمْ الخبريَّةُ: خبريَّةٌ تكثيريَّةٌ مبنيَّةٌ على السُّكونِ، أو اسمُ كنايةٍ.

-فالبناءُ على السُّكونِ يكونُ في الاسمِ والفعلِ والحرفِ لكونِهِ الأصلَ، وكذلِكَ الفتحُ لكونِهِ أخفَّ الحركاتِ وأقربَهَا إلى السُّكونِ، وأمَّا الضَّمُّ والكسرُ فيكونانِ في الاسمِ والحرفِ، لا الفعلِ؛ لثقلِهِمَا وثقلِ الفعلِ.

وبُنِيَ (أينَ) لشبهِهِ بالحرفِ في المعنى، وهوَ الهمزةُ إنْ كانَ استفهاماً، و(إنْ) إنْ كانَ شرطاً.

وبُنِيَ (أمسِ) عندَ الحجازيِّينَ لتضمُّنِهِ معنى حرفِ التَّعريفِ؛ لأنَّهُ معرفةٌ بغيرِ أداةٍ ظاهرةٍ.

وبُنِيَ (حيثُ) للافتقارِ اللَّازمِ إلى جملةٍ.

وبُنِيَ (كمْ) للشَّبَهِ الوضعيِّ، أوْ لتضمُّنِ الاستفهاميَّةِ معنى الهمزةِ، والخبريَّةِ معنى (رُبَّ) الَّتي للتَّكثيرِ.

نستفيد قواعدياً من البيتين

الحروفُ كلُّهَا مبنيَّةٌ على السُّكونِ، مثلُ: حروفِ الجرِّ والاستفهامِ والعطفِ وغيرِهَا.

وبناءُ الكلماتِ يكونُ على:

أ –الفتحِ، مثلُ: أينَ.

ب –الكسرِ، مثلُ: أمسِ.

ج –الضَّمِّ، مثلُ: حيثُ.

د –السُّكونِ، مثلُ: كمْ.

-فالبناءُ على السُّكونِ يكونُ في الاسمِ والفعلِ والحرفِ لكونِهِ الأصلَ، وكذلِكَ الفتحُ لكونِهِ أخفَّ الحركاتِ وأقربَهَا إلى السُّكونِ، وأمَّا الضَّمُّ والكسرُ فيكونانِ في الاسمِ والحرفِ، لا الفعلِ؛ لثقلِهِمَا وثقلِ الفعلِ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى