شرح معلقة امرئ القيس

شرح وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش إذا هي نصته ولا بمعطل

معاني المفرداتِ

الجيدُ: هو العنق، وجمعه جيود وأجياد.

ومنه قول الشاعر:

لَهَا الْجِيدُ مِنْ جَيْدَاءَ وَالْعَينُ طَرْفُهَا … كَعَينَاءَ يَهْدِيهَا غَرَاهَا فَتَرْمُقُ

الرِّئمُ: هو حيوان الظبي الأبيض خالص في البياض ليس يشوبه لون آخر، وجمع الرئم آرام، أي إن لون عنقها مثل لون الظبي الأبيض.

قال زهير بن أبي سلمى:

بِهَا الْعِينُ وَالْأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَةً … وَأَطْلَاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ

فاحشٌ: ليس بفاحش؛ أي لم يجاوز القدر المحمود، والفحشاء أصلها قبح المنظر، والمعنى هنا: ليس بقبيح أو ليس كريه المنظر.

نَصَّتْهُ: رفعته ونصبته، والنص هو الرفع، ومنه اشتقت المنصة التي توضع عليها العروس، واشتق منه النص في السير عندما تجبر البعير على أن تسير سيراً شديداً. ومنه أيضاً: نصصت الكلام أنصه: أي رفعته.

مُعَطَّلٌ: أي ليس خالياً من الحلي، تقول العرب: قوس عطل؛ أي لا وتر عليها.

معنى البيتِ

يتابعُ امرؤُ القيسِ وصفَ محبوبتِهِ بأنَّهَا تُظْهِرُ عُنقاً أبيضَ صافيَ البياضِ لا يشوبُهُ لونٌ آخرُ مثلَ عنقِ الظَّبي الأبيضِ الخالصِ البياضِ، هذا العنقُ الجميلُ ليسَ قبيحاً ولا متجاوزاً قدرَ الجمالِ عندما ترفعُهُ، بلْ هوَ أجملُ مِنْ عنقِ الظَّبيِ؛ لأنَّهُ محلىً بالزِّينةِ مِنْ عِقْدٍ وغيرِهِ مُزْدَانٌ جمالاً بِهَا لا كمثلِ عنقِ الظَّبي ليسَ فيهِ حُليٌّ.

تحليل البيت

ما زلنا نعيش مع امرئ القيس في تلك البيئة الصحراوية الجميلة التي تحوي أجمل الحيوانات كالظبي والفرس وغيره، وها هو يشبه جمال عنق محبوبته ولونها بلون الظبي الأبيض، وهو تشبيه مجمل حذف منه وجه الشبه، وإن استخدام التشبيه المجمل قد أجمل وجَمَّلَ لنا هذا الوصف البديع لمحبوبته.

 وقد حرص امرؤ القيس على إتقان النسبة في أجزاء العنق، فتراه يشببها تارة بجمال عنق الظبي ثم يفاضل بينهما في الجمال ويفضل جمال محبوبته بأن عنقها هو أجمل من عنق الظبي كونه محلى بالزينة.

ونرى حرصه إلى إظهار حركة هذا العنق البديع في استخدام الفعل (نصته)، وكونه ملائماً لقوله (تصد وتبدي)، هذه الحركة الذي توقع سهام العشق في قلب المحبوب.

أما قوله (ولا بمعطل) فهنا أعطانا نظرة شاملة كاشفة كنظرته عندما قال (هصرت بفودي رأسها فتمايلت)، ثم تركك لتـتخيل هذا المشهد لعنقها المرفوع والمحلى بالجواهر.

زر الذهاب إلى الأعلى