إعراب الجزء الثلاثين

إعراب سورة الكوثر

بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۝ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ۝ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ۝

إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ

إِنَّا: إنَّ: حرفٌ مشبَّهٌ بالفعلِ، أو حرفٌ ناسخٌ، أو حرفُ نصبٍ وتوكيدٍ.

وأصلُهَا (إنَّنَا)، فحُذِفَتْ إحدى النُّوناتِ لاجتماعِ الأمثالِ، والمحذوفةُ هيَ الثَّانية بدلالة جواز حذفها في (إنَّ)، فتقول: إنْ زيدٌ لقائمٍ، فتحذف الثانية وتبقى الأولى على سكونها ساكنة، ولو كانت المحذوفة هي الأولى لبقيت الثانية متحركة؛ لأنها كذلك كانت قبل الحذف، ولا يجوز حذف الثالثة لأنها هي الاسم، قاله ابن جني ومكي.

نا: ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ نصبٍ، اسمُ إنَّ.

أَعْطَيْنَاكَ: فعلٌ ماضٍ، مبنيٌّ على السُّكونِ؛ لاتِّصالِهِ بنَا الدَّالةِ على الفاعلينَ، ونا: ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ رفعٍ، فاعلٌ، والكافُ ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الفتحِ، في محلِّ نصبٍ، مفعولٌ بِهِ أوَّلُ.

(أعطينَا): جملةٌ فعليَّةٌ، في محلِّ رفعٍ، خبرُ إنَّ.

(إنَّا أعطينَاكَ): جملةٌ اسميَّةٌ ابتدائيَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

الْكَوْثَرَ: مفعولٌ بِهِ ثانٍ، منصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ

فَصَلِّ: الفاءُ حرفُ عطفٍ، وهيَ للتَّرتيبِ؛ أي لترتيبِ ما بعدَهَا على ما قبلَهَا، فإنَّ إعطاءَهُ تعالى إيَّاهُ عليهِ السَّلامُ ما ذَكَرَ مِنَ العطيَّةِ الَّتي لمْ يُعطِهَا ولنْ يعطيهَا أحداً مِنَ العالمينَ مستوجبٌ للمأمورِ بِهِ؛ أي فَدُمْ على الصَّلاةِ لربِّكَ.

أوِ الفاءُ للتَّعقيبِ؛ أي عَقِبَ انقضاءِ الصَّلاةِ، أو للتَّسبُّبِ، أو هيَ الفصيحةُ؛ لأنَّهَا تُفصحُ عنْ شرطٍ مقدَّرٍ.

صلِّ: فعلُ أمرٍ، مبنيٌّ على حذفِ حرفِ العلَّةِ مِنْ آخرِهِ، والفاعلُ ضميرٌ مستترٌ وجوباً تقديرُهُ أنتَ.

 (صلِّ): جملةٌ فعليَّةٌ معطوفةٌ على جملةِ (إنَّا أعطينَاكَ) الابتدائيَّةِ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ مثلُهَا.

أو هيَ جوابُ شرطٍ مقدَّرٍ، أي: إذا كانَ ذلِكَ فصلِّ لربِّكَ.

لِرَبِّكَ: اللَّامُ حرفُ جرٍّ، ربِّ: اسمٌ مجرورٌ بحرفِ الجرِّ اللَّامِ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وهوَ مضافٌ، والجارُّ والمجرورُ متعلَّقانِ بالفعلِ صلِّ، والكافُ ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيُّ على الفتحِ، في محلِّ جرٍّ بالإضافةِ.

وَانْحَرْ: الواوُ حرفُ عطفٍ، انحرْ: فعلُ أمرٍ، مبنيٌّ على السُّكونِ الظَّاهرِ على آخرِهِ، والفاعلُ ضميرٌ مستترٌ وجوباً تقديرُهُ أنتَ، والمفعولُ بِهِ محذوفٌ تقديرُهُ: انحرْ البُدْنَ.

(انحرْ): جملةٌ فعليَّةٌ، معطوفةٌ على جملةِ (صلِّ)، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ

إِنَّ: حرفٌ مشبَّهٌ بالفعلِ.

شَانِئَكَ: اسمُ إنَّ منصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وهوَ مضافٌ، والكافُ: ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الفتحِ، في محلِّ جرٍّ بالإضافةِ.

هُوَ: فيهِ وجهانِ:

١ -ضميرٌ منفصلٌ، مبنيٌّ على الفتحِ، في محلِّ رفعٍ، مبتدأٌ.

الْأَبْتَرُ: خبرٌ للمبتدأِ (هوَ)، مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

(هوَ الأبترُ): جملةٌ اسميَّةٌ، في محلِّ رفعٍ، خبرُ إنَّ.

(إنَّ شانِئَكَ هوَ الأبترُ): جملةٌ اسميَّةٌ، استئنافيَّةٌ بيانيَّةٌ أو تعليليَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

٢ -هوَ: ضميرُ فصلٍ، مبنيٌّ على الفتحِ، لا محلَّ لَهُ مِنَ الإعرابِ، وهوَ قولُ البصريَّينَ.

الأبترُ: خبرُ إنَّ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

ورفض هذا القول الكوفيون؛ لأنه ضمير عماد، فلو قيل: (إن شانئك الأبتر) بغير (هو) جاز أن يكون نعتاً، وخبراً، فإذا فصلت بينهما بـ (هو) صحَّ أنه خبر، ألم تسمع قوله تعالى: (وأنه هو رب الشعرى) أتى بفاصلة جاز أن يكون بدلاً وصفة، فلما قال: (وأنه أهلك عاداً الأولى) ولم يقل: وأنه هو أهلك؛ لأنه الفعل لا يكون بدلاً من الاسم، فصح أنه خبر، فأنت فيه قائل في الكلام: إن زيداً هو القائم، ولا تكون الفاصلة إلا بين معرفتين الثاني محتاج إلى الأول كمفعولي (ظننت)، واسم (كان) وخبرها، واسم (إن) وخبرها.

-وذكر العكبري والهمذاني وجهاً ثالثاً، أن (هو) توكيد لضمير مستتر في (شائنك)، ولكن السمين الحلبي قال إنه غلط؛ لأن المُظْهَرَ لا يؤكَّدُ بالمضمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى