إعراب الجزء الثلاثين

إعراب سورة النصر

بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ۝ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ۝ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ۝

إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ

إذا: ظرفٌ لمَا يُستقبلُ مِنَ الزَّمنِ، خافضٌ لشرطِهِ متعلِّقٌ بجوابِهِ، يتضمَّنُ معنى الشَّرطِ، مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ نصبٍ على الظَّرفيَّةِ الزَّمانيَّةِ، وهوَ مضافٌ.

فالعاملُ في (إذا) هوَ الفعلُ (جاءَ): وهوَ قولُ مكيٍّ وأبو حيَّانٍ.

وقيلَ: العاملُ في (إذا) (فسبَّحْ): وهذا قولُ الزَّمخشريِّ والحوفيِّ، وردَّهُ أبو حيَّانٍ بأنَّ ما بعدَ الفاءِ لا يَعملُ فيمَا قبلَهَا.

قالَ الشِّهابُ: العاملُ فيهَا إمَّا شرطُهَا وإمَّا جوابُهَا، ولا يَمنعُ منهُمَا الإضافةُ هنَا إنْ قلْنَا بِهَا، ولا الفاءُ كمَا فصَّلَهُ النَّحَاةُ.

جاءَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظَّاهرِ على آخرِهِ.

قالَ أبو البركاتِ الأنباريُّ ووافقَهُ الهمذانيُّ: تقديرُهُ: إذا جاءَكَ نصرُ اللَّهِ، فحذفَ الكافَ الَّتي هيَ المفعولُ بِهِ، للعلمِ بِهِ.

نصرُ: فاعلٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وهوَ مضافٌ.

والمصدرُ مضافٌ لفاعلِهِ، ومفعولُهُ محذوفٌ؛ أي: نصرُ اللَّهِ إيَّاكَ والمؤمنينَ.

اللَّهِ: لفظُ الجلالةِ، مضافٌ إليهِ مجرورٌ للتَّعظيمِ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

والفتحُ: الواوُ حرفُ عطفٍ، الفتحُ: اسمٌ معطوفٌ على (نصرِ) مرفوعٌ مثلُهُ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

ومتعلِّقُهُ محذوفٌ، أي: فتحُ البلادِ عليكَ وعلى أُمَّتِكَ.

قالَ السَّمينُ: أوِ المقصودُ: إذْ جاءَ هذانِ الفعلانِ، مِنْ غيرِ نظرٍ إلى متعلَّقيهِمَا كقولِهِ: {أَمَاتَ وَأَحْيَا} [النَّجمُ: 44]. وال في الفتحِ عِوَضٌ عنِ الإضافةِ، أي، وفتحُهُ، وهذا عندَ الكوفيَّينَ.

والعائدُ محذوفٌ عندَ البصريَّينَ، أي: والفتحُ منْهُ.

 (إذا جاءَ): جملةٌ اسميَّةٌ ابتدائيَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

(جاءَ نصرُ): جملةٌ فعليَّةٌ في محلِّ جرٍ بالإضافةِ.

وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً

ورأيْتَ: الواوُ حرفُ عطفٍ، رأيْتَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السُّكونِ؛ لاتِّصالِهِ بتاءِ الفاعلِ المتحرِّكةِ، والتَّاءُ ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الفتحِ، في محلِّ رفعٍ، فاعلٌ.

النَّاسَ: مفعولٌ بِهِ منصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

يدخلُونَ: فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ ثبوتُ النُّونِ؛ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، والواوُ ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ رفعٍ، فاعلٌ.

وقُرِئَتْ (يُدخَلونَ): فعلٌ مضارعٌ مبنيٌّ للمفعول (المجهولِ)، مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ ثبوتُ النُّونِ؛ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، والواوُ ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ رفعٍ، نائبُ فاعلٍ.

في: حرفُ جرٍّ.

دينِ: اسمٌ مجرورٌ بحرفِ الجرِّ (في)، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وهوَ مضافٌ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بالفعلِ يدخلونَ.

اللَّهِ: لفظُ الجلالةِ مضافٌ إليهِ، مجرورٌ للتَّعظيمِ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

أفواجاً: حالٌ مِنْ فاعلِ يدخلونَ (إنْ كانَتْ رأيتَ بصريَّةٌ) والحالُ منصوبةٌ، وعلامةُ نصبِهَا الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهَا.

أو هوَ مفعولٌ بِهِ ثانٍ (إنْ كانَتْ رأيتَ عِلميَّةٌ).

(رأيتَ): جملةٌ فعليَّةٌ، في محلِّ جرٍّ، معطوفةٌ على جملةِ (جاءَ).

(يدخلونَ): جملةٌ فعليَّةٌ، في محلِّ نصبٍ، حالٌ مِنَ النَّاسِ، إنْ كانَتْ (رأى) بصريَّةٌ، أي بمعنى الإبصارِ والعرفانِ.

أو في محلِّ نصبٍ، مفعولٌ بِهِ ثانٍ إنْ كانَتْ (رأى) بمعنى (عَلِمَ) المتعدِّيةِ لاثنينِ.

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً

فسبحْ: الفاءُ رابطةٌ لجوابِ الشَّرطِ، سبِّحْ: فعلٌ أمرٍ، مبنيٌّ على السُّكونِ الظَّاهرِ على آخرِهِ، والفاعلُ ضميرٌ مستترٌ وجوباً تقديرُهُ أنتَ.

بحمدِ: الباءُ حرفُ جرٍّ، حمدِ: اسمٌ مجرورٌ بحرفِ الجرِّ الباءِ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وهوَ مضافٌ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بالفعلِ سبِّحْ.

أو بمحذوفِ حالٍ مِنْ فاعلِ سبَّحِ، أي: سبَّحْهُ متلبِّساً بحمدِهِ، أو حامداً لَهُ.

وقدِ اختُلِفَ في الباءِ فقيلَ:

١ -للالتباسِ والمخالطةِ، كقولِهِ تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}؛ أي: مختلطةٌ وملتبسةٌ بِهِ، ومعناهُ: اجعلْ تسبيحَ اللَّهِ مختلطاً وملتبساً بحمدِهِ.

٢ –للتَّعديةِ، كمَا يُقالُ: اذهبْ بِهِ؛ أي: خُذْهُ معكَ في الذَّهابِ، كأنَّهُ قالَ: سبَّحْ ربَّكَ معَ حمدِكَ إيَّاهُ، ذكرَهُ ابنُ الأثيرِ.

٣ -للمصاحبةِ والحمدِ: مضافٌ للمفعولِ أي فسبِّحْهُ حامداً لَهُ، أي نزِّهْهُ عمَّا لا يليقُ بِهِ، وأثبِتْ لَهُ ما يليقُ بِهِ، فهيَ داخلةٌ في حيِّزِ الأمرِ.

٤ -للاستعانةِ: والحمدُ مضافٌ إلى الفاعلِ، أي سبِّحْهُ بِمَا حَمِدَ بِهِ نفسَهُ، كقولِهِ الحمدُ للَّهِ.

ربِكَ: مضافٌ إليهِ مجرورٌ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وهوَ مضافٌ، والكافُ: ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الفتحِ، في محلِّ جرٍّ بالإضافةِ.

واستغفرْهُ: الواوُ حرفُ عطفٍ، استغفرْهُ: فعلٌ أمرٍ مبنيٌّ على السُّكونِ الظَّاهرِ على آخرِهِ، والفاعلُ ضميرٌ مستترٌ وجوباً تقديرُهُ أنتَ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الضَّمِّ، في محلِّ نصبٍ، مفعولٌ بِهِ.

إنَّهُ: إنَّ: حرفٌ مشبَّهٌ بالفعلِ، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الضَّمِّ، في محلِّ نصبٍ، اسمُ إنَّ.

كانَ: فعلٌ ماضٍ ناقصٌ، واسمُ كانَ محذوفٌ جوازاً تقديرُهُ: هوَ، يعودُ على ربِّ.

توَّاباً: خبرُ كانَ منصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

(سبِّحْ): جملةٌ فعليَّةٌ، جوابُ شرطٍ غيرُ جازمٍ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

وجوابُ (إذا) فيهِ وجهانِ:

أحدُهُمَا: أنْ يكونَ قولُهُ تعالى: {فَسَبِّحٍ بِحَمْدِ رَبِّكَ}.

والثَّاني: أنْ يكونَ محذوفاً، وتقديرُهُ: (إذا جاءَكَ نصرُ اللَّهِ والفتحُ، جاءَ أجلُكَ)، أو (إذا جاءَكَ هذهِ الأشياءُ تبيَّنَتْ لَكَ نِعمُ اللَّهِ عليكَ)، قالَهُ الهمذانيُّ وابنُ الأنباريِّ وزكريَّا الأنصاريُّ.

 (استغفرْهُ): جملةٌ فعليَّةٌ، معطوفةٌ على جملةِ (سبِّحِ) لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

(إنَّهُ كانَ توَّاباً): فيهَا وجهانِ:

١ –جملةٌ اسميَّةٌ استئنافيَّةٌ بيانيَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

٢ -جملةٌ اسميَّةٌ استئنافيَّةٌ تعليليَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

 (كانَ توَّاباً): جملةٌ فعليَّةٌ، في محلِّ رفعٍ، خبرُ إنَّ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى