إعراب الجزء الثلاثين

إعراب سورة العاديات

بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً ۝ فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً ۝ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً ۝ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً ۝ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ۝ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ۝ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ۝ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ۝ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ۝ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ۝

وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً

وَالْعَادِيَاتِ: الواوُ حرفُ قسمٍ وجرٍّ، العادياتِ: اسمٌ مجرورٌ بواوِ القسمِ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بفعلِ القسمِ المحذوفِ، تقديرُهُ: أقسمُ والعادياتِ.

وجوابُ القسمِ قولُهُ تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لربِّهِ لكنودٌ}.

ضَبْحاً: فيهِ الوجوهُ الآتيةُ:

١ -مفعولٌ مطلقٌ لفعلٍ محذوفٍ تقديرُهُ: تضبحُ ضبحاً، منصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ. وجملةُ (تضبحُ ضبحاً): جملةٌ فعليَّةٌ، في محلِّ نصبٍ، حالٌ مِنَ العادياتِ.

٢ -ويجوزُ أنْ يكونَ مفعولاً مطلقاً مِنْ معنى (العادياتِ)، كأنَّهُ قيلَ: والضَّابحاتِ ضبحاً، قالَهُ الزَّجَّاجُ وأبو عبيدةَ والزَّمخشريُّ.

٣ –مفعولٌ مطلقٌ مؤكِّدٌ لاسمِ الفاعلِ؛ لأنَّ الضَّبحَ نوعٌ منَ السَّيرِ، والعَدْوُ كالضَّبحِ.

٤ -أوْ هوَ مصدرٌ في موضعِ الحالِ، وصاحبُ الحالِ هوَ الضَّميرُ المستترُ في العادياتِ، أي: ضابحةً في العَدْوِ، أو ضابحاتٍ على اللَّفظِ والمعنى، أو ذواتُ ضبحٍ، قالَهُ النَّحَّاسُ ومكيُّ والعُكبريُّ.

(وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً): جملةٌ اسميَّةٌ ابتدائيَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً

فَالْمُورِيَاتِ: الفاءُ حرفُ عطفٍ، المورياتِ: اسمٌ معطوفٌ على العادياتِ، مجرورٌ مثلُهُ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

قَدْحاً: فيهِ الوجوهُ الآتيةُ:

١ –مفعولٌ مطلقٌ لفعلٍ محذوفٍ تقديرُهُ: يقدحْنَ قدحاً، منصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ. وجملةُ (يقدحْنَ قدحاً): جملةٌ فعليَّةٌ، في محلِّ نصبٍ، حالٌ منَ المورياتِ.

٢ –مفعولٌ مطلقٌ مؤكِّدٌ مِنْ معنى المورياتِ؛ لأنَّهَا بمعنى القادحاتِ، أيِ الموري القادحُ.

٣ -مصدرٌ في موضعِ الحالِ منَ الضَّميرِ المُسْتَكِنِ في (المورياتِ)، فالمعنى: قادحاتٍ، أي: صاكَّاتٍ بحوافرِهَا ما يُوْرِي النَّارَ.

قالَهُ الزَّمخشريُّ وأبو السُّعودِ والشَّوكانيُّ والهمذانيُّ والسَّمينُ الحلبيُّ.

٤ -ذكرَ الشِّهابُ جوازَ نصبِهِ على التَّمييزِ: أيِ المُورَى قدحُهَا. لكنَّ الهمذانيَّ قالَ: هوَ منَ التَّعسُّفِ.

٥ –مفعولٌ بِهِ للمورياتِ، ذكرَهُ محمَّدٌ عليٌّ الدُّرَّةُ.

(فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً): جملةٌ اسميَّةٌ معطوفةٌ على جملةِ (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً) لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً

فَالْمُغِيرَاتِ: الفاءُ حرفُ عطفٍ، المغيراتِ: اسمٌ معطوفٌ على العادياتِ، مجرورٌ مثلُهُ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

صُبْحاً: مفعولٌ فيهِ، ظرفُ زمانٍ، منصوبٌ وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وهوَ متعلِّقٌ باسمِ الفاعلِ المغيراتِ.

(فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً): جملةٌ اسميَّةٌ معطوفةٌ على جملةِ (فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً) لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً

فَأَثَرْنَ: الفاءُ حرفُ عطفٍ، وقدْ عَطَفَ الفعلَ على الاسمِ؛ لأنَّ الاسمَ في تأويلِ الفعلِ؛ لوقوعِهِ صلةً لـ (الْ). أي: عطفَ الماضي (أثرنَ) على قولِهِ (المغيراتِ) لأنَّ التَّقديرَ: فاللاتي أغرنَ صبحاً فأثرنَ بِهِ نقعاً، قالَهُ الباقوليُّ.

قالَ الزَّمخشريُّ: «فإنْ قُلْتَ: علامَ عُطِفَ (فأثرْنَ)؟ قلتُ: على الفعلِ الَّذي وُضِعَ اسمُ الفاعلِ موضعَهُ؛ لأنَّ المعنى: واللَّاتي عَدَونَ فأَوْرَيْنَ فأغرنَ فأثرنَ».

أثرنَ: فعلٌ ماضٍ، مبنيٌّ على السُّكونِ؛ لاتِّصالِهِ بنونِ النِّسوةِ، ونونُ النِّسوةِ ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الفتحِ، في محلِّ رفعٍ، فاعلٌ.

بِهِ: الباءُ حرفُ جرٍّ، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الكسرِ في محلِّ جرٍّ بحرفِ الجرِّ الباءِ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بالفعلِ أثرنَ.

واختُلِفَ في الضَّميرِ في (بِهِ) فقيلَ:

١ -المرادُ بالضَّميرِ (الهاءُ) أنَّهُ للوقتِ، أيِ الصُّبحِ، أي: هيَّجْنَ بذلِكَ الوقتِ غباراً، قالَهُ الزَّمخشريُّ.

٢ -وقيلَ عائدٌ على المكانِ أيِ الوادي، وإنْ لمْ يُجْرَ لَهُ ذكرٌ؛ لأنَّ الإغارةَ لا تكونُ إلَّا في مكانٍ معلومٍ، قالَهُ الطَّبريُّ والزَّجَّاجُ والفرَّاءُ.

٣ -وقيلَ: عائدٌ على العَدْوِ، ودلَّ عليِه (العادياتُ)، قالَهُ الزَّمخشريُّ.

نَقْعاً: مفعولٌ بِهِ منصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

(فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً): جملةٌ اسميَّةٌ معطوفةٌ على جملةٍ لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ. أو جملةٌ استئنافيَّةٌ لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

أو معطوفةٌ على المغيراتِ، ولكَ في محلَّهَا وجهانِ:

١ –لا محلَّ لَهَا؛ لأنَّهَا بمنزلةِ الصِّلةِ للموصولِ (ال) أي: اللَّائي أغرنَ …فأثرنَ).

٢ –معطوفةٌ على لفظةِ المغيراتِ المجرورةِ، في محلِّ جرٍّ.

فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً

فَوَسَطْنَ: الفاءُ حرفُ عطفٍ، وسطْنَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِهِ بنونِ النِّسوةِ، ونونُ النِّسوةِ ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ رفعٍ، فاعلٌ.

بِهِ: الباءُ حرفُ جرٍّ، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على الكسرِ في محلِّ جرٍ بحرفِ الجرِّ الباءِ، وفي تعليقِ الجارِّ والمجرورِ وجوهٌ:

١ –متعلِّقانِ بالفعلِ (وَسَطْنَ)، وعليهِ فالباءُ للتَّعديةِ.

٢ –متعلِّقانِ بالفعلِ (وَسَطْنَ)، والضَّميرُ للصُّبحِ، والباءُ هُنَا تفيدُ الظِّرفيَّةَ.

٣ –متعلِّقانِ بالفعلِ (وسطْنَ)، والضَّميرُ للنَّقعِ، أي: وَسَطْنَ بالنَّقعِ الجمعَ، أي: جَعَلْنَ الغبارَ وَسْطَ الجمعِ، فالباءُ للتِّعديةِ.

٤ –متعلِّقانِ بحالٍ محذوفةٍ، أي: فتوَسَّطْنَ مُلْتبساتٍ بالنَّقعِ، أي: بالغبارِ جمعاً مِنْ جموعِ الأعداءِ، فالباءُ حاليَّةٌ.

٥ –وقيلَ: الباءُ زائدةٌ، أي وسطْنَهُ، ذكرَهُ أبو البقاءِ العكبريُّ.

جَمْعاً: فيهِ وجوهٌ:

١ –مفعولٌ بِهِ منصوبٌ بناءً على الأوجهِ السَّابقةِ للجارِّ والمجرورِ، والتَّقديرُ: فتوسَّطْنَ جمعَ العَدُوِّ للحربِ.

٢ -حالٌ منصوبةٌ، بمعنى مجتمعاتٍ، أو مجتمعينَ، إذِ المرادُ أربابُهَا؛ يعني اجتماعَ الحاجِّ بمنىً (أيِ المزدلفةِ) على ما فُسِّرَ، قالَهُ: مكيُّ والعكبريُّ.

٣ –منصوبٌ على الظَّرفِ إذا أُريدَ بجمعِ المزدلفةِ، قالَهُ ابنُ خالويهِ.

وقالَ ابنُ خالويهِ: هوَ ظرفُ مكانٍ.

(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً): جملةٌ اسميَّةٌ معطوفةٌ على جملةِ (أثرْنَ) لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ

إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ

إِنَّ: حرفٌ مشبَّهٌ بالفعلِ.

الْإِنْسَانَ: اسمُ إنَّ منصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

لِرَبِّهِ: اللَّامُ حرفُ جرٍّ، ربِّهِ: اسمٌ مجرورٌ بحرفِ الجرِّ اللَّاِم، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بالخبرِ كنودٌ، وربِّ: مضافٌ، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الكسرِ، في محلِّ جرٍّ بالإضافةِ.

والمعنى: لنعمةِ ربِّهِ لكنودٌ، فحُذِفَ المضافُ (نعمةِ) وأقيمَ المضافُ إليهِ (ربِّ) مقامَهُ.

وقُدِّمَ الجارُّ والمجرورُ على الخبرِ لرعايةِ الفاصلةِ.

لَكَنُودٌ: اللَّامُ المزحلقةُ للتَّوكيدِ، كنودٌ: خبرُ إنَّ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

(إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ): جملةٌ اسميَّةٌ، جوابُ القسمِ الَّذي في أوَّلِ السُّورةِ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ

وَإِنَّهُ: الواوُ حرفُ عطفٍ، إنَّ: حرفٌ مشبَّهٌ بالفعلِ، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على الضَّمِّ، في محلِّ نصبٍ، اسمُ إنَّ.

عَلَى: حرفُ جرٍّ.

ذَلِكَ: ذا: اسمُ إشارةٍ، مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ جرٍّ بحرفِ الجرِّ على، واللَّاُم للبُعدِ، والكافُ للخطابِ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بالخبِر شهيدٌ.

لَشَهِيدٌ: اللَّامُ المزحلقةُ للتَّوكيدِ، شهيدٌ: خبرُ إنَّ، مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

(إِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ): جملةٌ اسميَّةٌ معطوفةٌ على جملةِ (إنَّ الإنسانَ لربِّهِ لكنودٌ) لا محلَّ لها منَ الإعرابِ.

وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ

وَإِنَّهُ: الواوُ حرفُ عطفٍ، إنَّ: حرفٌ مشبَّهٌ بالفعلِ، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الضَّمِّ، في محلِّ نصبٍ، اسمُ إنَّ.

لِحُبِّ: اللَّامُ حرفُ جرٍّ، حبِّ: اسمٌ مجرورٌ بحرفِ الجرِّ اللَّامِ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بالخبرِ شديدٌ، وحبِّ: مضافٌ.

الْخَيْرِ: مضافٌ إليهِ مجرورٌ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

لَشَدِيدٌ: اللَّامُ المزحلقةُ للتَّوكيدِ، شديدٌ: خبرُ إنَّ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

وقيلَ في اللَّامِ:

١ –إنَّهَا للتَّعديةِ، أي: إنَّهُ لقويٌّ مطيقٌ لحبِّ الخيرِ.

٢ –أو هيَ للعلَّةِ، أي: وإنَّهُ لأجلِ حبِّ المالِ لبخيلٌ.

٣ –وقيلَ: اللَّامُ بمعنى (على)، قالَ السَّمينُ: «ولا حاجةَ إليهِ».

(إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ): جملةٌ اسميَّةٌ معطوفةٌ على جملةِ (إنَّ الإنسانَ لربِّهِ لكنودٌ) لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ

أَفَلَا: الهمزةُ حرفُ استفهامٍ إنكاريٍّ.

والفاءُ: حرفُ عطفٍ: عطفَتْ ما بعدَهَا على مقدَّرٍ مناسبٍ للمقامِ، أي عطفَتْ على محذوفٍ، والتَّقديرُ: أيفعلُ ما يفعلُ مِنَ القبائحِ فلا يعلمُ إذا بُعثرَ ما في القبورِ؟

لا: نافيةٌ.

يَعْلَمُ: فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، والفاعلُ ضميرٌ مستترٌ جوازاً تقديرُهُ: هوَ، والمفعولُ بِهِ محذوفٌ، تقديرُهُ: أفلا يعلمُ مآلَهُ إذا بُعثرَ.

والجملةُ الشَّرطيَّةُ بعدَهُ معَ جوابِهَا سدَّتْ مسدَّ مفعولي (يعلمُ).

إِذَا: ظرفٌ لِمَا يُستقبلُ منَ الزَّمنِ، خافضٌ لشرطِهِ، متعلِّقٌ بجوابِهِ، يتضمَّنُ معنى الشَّرطِ، مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ نصبٍ على الظَّرفيِّةِ الزَّمانيَّةِ.

والعاملُ فيهِ ما يأتي:

١ –الفعلُ (بُعثرَ) ذكرَهُ مكيٌّ نقلاً عنِ المبرِّدِ، وردَّهُ الهمذانيُّ؛ لأنَّ إضافتَهُ إلى (إذا) تَحُوْلُ دونَ ذلِكَ. وذكرَ الشِّهابُ هذا الوجهَ بناءً على أنَّهَا شرطيَّةٌ غيرُ مضافةٍ.

٢ –ما دلَّ عليهِ خبرُ (إنَّ)، أي: إذا بُعثرَ جُوْزُوا.

٣ –الفعلُ (يعلمُ) ذكرَهُ الحوفيُّ وأبو البقاءِ، وردَّهُ مكيٌّ، قالَ: «لأنَّ الإنسانَ لا يرادُ منهُ العلمُ والاعتبارُ ذلِكَ الوقتَ، وإنَّمَا يُعتبرُ في الدُّنيا ويَعْلَمُ».

وردَّهُ الهمذانيُّ أيضاً، وقالَ أبو حيَّانٍ: «وليسَ بمتَّضحٍ؛ لأنَّ المعنى أفلا يعلمُ الآنَ».

وذكرَ الشِّهابُ أنَّ (إذا) على هذا الوجهِ مفعولٌ بِهِ، لا شرطيَّةٌ ولا ظرفيَّةٌ.

٤ –العاملُ في الظَّرفِ محذوفٌ، وهوَ مفعولُ (يعلمُ).

قالَ أبو حيَّانٍ: «أفلا يعلمُ…، ومفعولُهُ محذوفٌ، وهوَ العاملُ في الظَّرفِ، أي: (أفلا يعلمُ مآلَهُ إذا بُعثرَ)، وبهذَا أخذَ الهمذانيَّ بعدَ ردِّ الأوجهِ السَّابقةِ.

-وذكرَ السَّمينُ أنَّهُ لا يجوزُ أنْ يعملَ في (إذا) قولُهُ (لخبيرٌ)؛ لأنَّ ما في خبرِ (إنَّ) لا يتقدَّمُ عليهَا، ومثلُهُ عندَ النَّحَّاسِ، وذكرَ الهمذانيُّ أنَّهُ أحدُ العواملِ في (إذا) ثُمَّ ردَّهُ.

بُعْثِرَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، مبنيٌّ على الفتحِ الظَّاهرَ على آخرِهِ.

مَا: اسمٌ موصولٌ بمعنى الَّذي، مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ رفعٍ، نائبُ فاعلٍ.

فِي: حرفُ جرٍّ.

الْقُبُورِ: اسمٌ مجرورٌ بحرفِ الجرِّ في، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بفعلِ جملةِ الصِّلةِ المقدَّرةِ، أي: بُعثرَ ما يوجدُ في القبورِ.

(لَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ): جملةٌ فعليَّةٌ معطوفةٌ على مقدَّرٍ مناسبٍ للمقامِ كمَا تقدَّمَ، والجملةُ المقدَّرةُ استئنافيَّةٌ.

(بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ): جملةٌ فعليَّةٌ، في محلِّ جرٍّ بالإضافةِ.

(يوجد في القبور): جملةٌ فعليَّةٌ، صلةُ الموصولِ الاسميِّ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ

وَحُصِّلَ: الواوُ حرفُ عطفٍ، حُصِّلَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، مبنيٌّ على الفتحِ الظَّاهرِ على آخرِهِ.

مَا: اسمٌ موصولٌ بمعنى الَّذي، مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ رفعٍ، نائبُ فاعلٍ.

فِي: حرفُ جرٍّ.

الصُّدُورِ: اسمٌ مجرورُ بحرفِ الجرِّ في، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بفعلِ جملةِ الصِّلةِ المقدَّرةِ، أيْ: وحُصِّلَ ما يوجدُ في الصُّدورِ.

(حُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ): جملةٌ فعليَّةٌ معطوفةٌ على جملةِ (بُعثرَ ما في القبورِ) في محلِّ جرٍ بالإضافةِ.

(يوجدُ في الصُّدورِ): جملةٌ فعليَّةٌ، صلةُ الموصولِ الاسميِّ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ

إِنَّ: حرفٌ مشبَّهٌ بالفعلِ.

رَبَّهُمْ: اسمُ إنَّ، منصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وهوَ مضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الضَّمِّ، في محلِّ جرٍّ بالإضافةِ، والميمُ علامةُ الجمعِ.

بِهِمْ: الباءُ حرفُ جرٍّ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ، مبنيٌّ على الكسرِ، في محلِّ جرٍّ بحرفِ الجرِّ الباءِ، والميمُ علامةُ الجمعِ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بالخبرِ خبيرٌ.

يَوْمَئِذٍ: يومَ: ظرفُ زمانٍ، منصوبٌ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وهوَ مضافٌ، إذٍ: اسمٌ مبنيٌّ على السُّكونِ، وحُرِّكَ بالكسرِ منعاً مِنَ التقاءِ السَّاكنينِ، في محلِّ جرٍّ بالإضافةِ.

وهوَ مضافٌ، والجملةُ المحذوفةُ المعوَّضُ عنْهَا بالتَّنوينِ في محلِّ جرٍّ، مضافٌ إليهِ ثانٍ، والتَّقديرُ: يومَ إذْ يُبعثَرُ ما في القبورِ ويُحصَّلُ ما في الصُّدورِ.

والظَّرفُ متعلِّقٌ بالخبرِ كمَا تعلَّقَ (بِهِمْ)، وذكرَ الهمذانيُّ جوازَ كونِهِ معمولاً لـ (حُصِّلَ).

لَخَبِيرٌ: اللَّامُ المزحلقةُ للتَّوكيدِ، خبيرٌ: خبرُ إنَّ، مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

(إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ): جملةٌ اسميَّةٌ استئنافيَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.

ذُكِرَ في كتابِ (إعرابِ القرآنِ لمجموعةٍ منَ المؤلِّفينَ) عنْ إعرابِ هذهِ الجملةُ: تعليليَّةٌ لمفعولِ يعلمُ المقدَّرِ، أو أنَّهَا في محلِّ نصبٍ، مفعولُ يعلمُ.

وذكرَ أحمد الخرَّاط في كتابِ المجتبى من مشكلِ إعرابِ القرآنِ: أنَّ الجملةَ سدَّتْ مسدَّ مفعولي (يعلمُ).

هذا واللَّهُ أعلمُ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى