تراجم

الشيخ علي الطنطاوي تعرف إلى مسيرة حياته بين سوريا والسعودية

هو أديب وقاضٍ وفقيه سوري من مدينة دمشق، ولد عام ١٩٠٩ وتوفي سنة ١٩٩٩ ميلادية.

اسمه الكامل: علي بن مصطفى بن أحمد بن علي بن مصطفى الطنطاوي، وقد يسمى محمد علي الطنطاوي على عادة أهل الشام في تقدم اسم محمد على الاسم تيمناً باسم النبي صلى الله عليه وسلم.

أما لقب أسرته (الطنطاوي) فإنه يدل على أصلها المصري؛ حيث هاجر جده أحمد الطنطاوي مع عم الجد محمد الطنطاوي من طنطا في مصر إلى الشام عام ١٢٥٥ هجرية.

كان أسرة الطنطاوي أسرة دين وعلم؛ فقد كان عم جده محمد عالماً أزهرياً وفقيها شافعياً، تتلمذ على يده عدد من وجوه الشام وعلمائها.

أما والده الشيخ مصطفى بن أحمد الطنطاوي فقد كان معدوداً بين فقهاء الحنفية ومفتياً فيها، تولى إدارة المدرسة التجارية ثم أصبح أميناً للفتوى عند الشيخ أبي الخير عابدين.

نشأ الشيخ علي الطنطاوي في أسرة علم ودين، وفي عام ١٩٦٣ ميلادية قدم إلى الرياض للعمل في رئاسة الكليات والمعاهد، ثم انتقل إلى مكة للعمل في كلية التربية واستمر فيها قرابة خمس وثلاثين سنة.

نال الطنطاوي جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام ١٩٩٠ ميلادية.

وفي آخر حياته كثرت أزماته القلبية وتوفي يوم الجمعة ١٨ حزيران –يونيو ١٩٩٩ م.

كان الطنطاوي كثيراً ما يقرأ نفسه وينزلها منزلتها، يحاور ذاته ويتبعد عن مدحها.

والشيخ الطنطاوي واعظ ممتاز كما عرفه الجميع من خلال نافذته الأسبوعية (نور وهداية)، فهو يهتم في وعظه بالروح والمعاني العميقة التي لا تأبه بالشكل والمظهر.

وهو مفتٍ مجود يصدر فتاواه عن نظرة متأنية قوامها التأمل في الدليل وجمع الأدلة وفهمها والسير معها إلى حيث تقوم من إباحة أو تحريم.

كما تميزت شخصيته بالثبات على المبادئ وعدم المساومة على القضايا التي يؤمن بها، فلم يُعْرَف متناقضاً، ولا أصابه داء التخبط الذي يبدد الجهد ويُعدم ثقة الناس.

ألف الطنطاوي عشرات الكتب وكتب مئات المقالات وتحدث في الإعلام مئات الساعات. وبقي داعياً إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، مبيناً فضائل الإسلام ومقدماً النصيحة والمشورة أو راداً التزييف أو مشاركاً في صياغة القوانين والأنظمة أو عاملاً في إعداد المناهج التعليمية، وقد وظف ثقافته وعلمه وأسلوبه الجميل في خدمة الدعوة الإسلامية فأجاد وأفاد، وانتفع بعلمه عدد كبير من البشر.

وللشيخ الطنطاوي إسهامات في فن التاريخ تدل على ذلك مؤلفاته في هذا المجال، ففي التاريخ القديم ألف في السيرة الغيرية كتباً عدة، مثل: أبو بكر، وأخبار عمر وعبد الله بن عمر، ورجال من التاريخ، وسلسلة أعلام التاريخ. وفي القصة التاريخية ألف كتاب قصص من التاريخ، وسلسلة حكايات من التاريخ للفتيان.

وفي التاريخ المعاصر ألف كتباً منها: بغداد، إندونيسيا، دمشق، تاريخ الجامع الأموي.

حياة الطنطاوي العلمية

جمع الشيخ الطنطاوي بين الدراسة النظامية في المدراس الحديثة وبين الدراسة التراثية في حلقات العلم التي كانت تعقد في الجوامع كالجامع الأموي وجامع التوبة، وفي بيوت العلماء ممن كانوا يعقدون الدروس في منازلهم.

أ –الدراسة النظامية: تنقل الشيخ بين عدد من المدارس النظامية الأهلية أو الحكومية، فبعد أن قضى نصف نهار في الكُتَّاب وهو صغير وروى أثر ذلك فيه، أدخله جده في المدرسة التجارية، وكان والده مديرها فألزمه والده حفظ بعض المتون كالألفية.

ب –الطريقة التراثية: واظب الطنطاوي على حضور حلقات العلماء في عصره، ومنهم الشيخ بدر الدين الحسني، والشيخ الكتاني، والشيخ صالح التونسي، وحلقة أبي الخير الميداني في اللغة والنحو، وحلقة الشيخ الكافي، ودروس الشيخ بهجت البيطار، وغيرهم.

وبلغ من عنايته بالعلم وتوقه للمعرفة مسارعته إلى اقتناء كل كتاب يسمع عنوانه من أستاذيه الجندي والمبارك رغم قلة حيلته وفقره.

الشيخ علي الطنطاوي واللغة العربية

يعد الشيخ الطنطاوي من أكثر المنافحين عن اللغة العربية وعلومها، الساعين إلى نفي ما يعترض لغتها من أمور مكلمة أو سطحية اعتنى بها الأقدمون من باب الترف العلمي، والمتأمل يرى ذلك جلياً في كتاباته ومقالاته؛ إذ توجد مقالات: (دفاع عن العربية)، (لغتكم أيها العرب)، (آفة اللغة هذا النحو)، (لو أقر المجمع)، كما أن الشيخ الطنطاوي يرى الاعتزاز بالعربية جزءاً من الاعتزاز بالدين وبالذات الثقافية والهوية الحضارية للأمة، ويرفض استخدام الكلمات الدخيلة المنقولة من اللغة الأجنبية إلا بعد تعريبها أو إيجاد البديل لها، كوضعه كلمة الرائي بدل كلمة التلفزيون، وكلمة الرادّ بدل الراديو، كما عَرَّبَ كلمة الكيلو بالكيل وغيرها.

مؤلفات الشيخ علي الطنطاوي

عاش الشيخ الطنطاوي حياة طويلة تجاوزت ثلاثة وتسعين عاماً، حفلت بالعديد من الإنجازات والمنعطفات المهمة التي أسهمت في غزارة تأليف الشيخ حتى بلغت مؤلفاته أكثر من خمسين عنواناً تتراوح أحجامها بين الكتاب الكبير ذي الأجزاء والمجلد الواحد، والرسالة الصغيرة، والمقالة المفردة، وسنورد مؤلفات الشيخ الطنطاوي مرتبة حسب موضوعاتها.

أ –الموضوع التاريخي: وهو في حوالي خمسة عشر كتاباً هي:

١ –عمر بن الخطاب: صدر عام ١٣٥٢ هجرية، وتناول فيه سيرة أمير المؤمنين منذ إسلامه وحتى وفاته، وهذا الكتاب مما نفدت نسخه، وزاد فيه المؤلف وبَدَّلَ حتى أصبح وما أضاف إليه كتابين هما: قصة حياة عمر، وأخبار عمر.

٢ –من التاريخ الإسلامي: وهو على ما يبدو يحمل قصصاً تاريخية مما تضمنها كتاباه (قصص من التاريخ) و(قصص من الحياة).

٣ –دمشق صور من جمالها وعبر من نضالها: وهو كتاب يحمل مشاهد المؤلف وذكرياته عن دمشق ورحالها وأحداثها مما يتصل بالتاريخ المعاصر أو التاريخ الحديث.

٤ –بغداد مشاهد وذكريات: ويحوي في مجمله ذكريات المؤلف حول بغداد التي زارها أكثر من مرة بغرض التعليم.

٥ –الجامع الأموي: بعرض فيه تاريخ الجامع منذ تحوله من كنيسة على مسجد، ووصفاً لداخله وخارجه، وما مر به من أحداث مثل حريقه وغير ذلك.

إضافة إلى: حكايات من التاريخ، في إندونيسيا صور من الشرق، أعلام التاريخ، من نفحات الحرم، أخبار عمر، قصص من التاريخ، أبو بكر الصديق، رجال من التاريخ، قصة حياة عمر.

ب –الموضوع الاجتماعي: وفيه ثمانية كتب هي: رسائل الإصلاح، الهيثميات، في سبيل الإصلاح، مقالات في كلمات، مع الناس، هتاف المجد، قصص من الحياة، صور وخواطر، فصول اجتماعية.

ج –الموضوع الديني: في ستة كتب هي: رسائل سيف الإسلام، فصول إسلامية، تعريف عام بدين الإسلام، الفتاوى، سيد رجال التاريخ محمد صلى الله عليه وسلم، نور وهداية، فصول في الدعوة والإصلاح.

د –الموضوعات اللغوية والأدبية: وهي خمسة كتب إضافة إلى كتيبات صغيرة وبيانها فيما يلي:

١ -بشار بن برد: وهو من أوائل ما صدر عن الطنطاوي عام ١٣٤٨ هجرية، وهو عبارة عن دروس أدبية كان يلقيها على طلبة الكلية الوطنية، ولم يُعِدْ بعد ذلك طباعة الكتاب؛ لأن لم يرضه.

٢ -في التحليل الأدبي: صدر عام ١٩٣٤ هجرية، وهو رسالة في أقل من عشرين صفحة، وكان الطنطاوي ينظر إليها بالرضا، ويقول: (إني لا أزال معجباً بها، بل إني أعتز بها مع أن أكثر ما كتبته في تلك الأيام لا أرتضيه الآن)، وقد نُشرت فيما بعد في كتاب فكر ومباحث.

٣ -فكر ومباحث: صدر عام ١٩٦٠ ميلادية، وهو مؤلف من موضوعات ملقاة أو مكتوبة، تعالج موضوعات متفرقة يغلب عليها الجانب اللغوي والأدبي.

٤ -فصول في الثقافة والأدب: وقد صدر بعد وفاة الطنطاوي عام ٢٠٠٧ ميلادية، من جمع وترتيب الأستاذ مجاهد ديرانية، ويغلب على هذا الكتاب الجانب الأدبي أو المعالجة الأدبية لموضوعات متفرقة، فمن الأدب حديثه عن الأغاني والأصمعي واختيار النصوص الأدبية، ومن المعالجة الأدبية: (وقفة على الفسطاط)، (من هي العربية)، (إلى الأستاذ الرافعي).

٥ -كتاب المحفوظات: صدر عام ١٣٥٥ هجرية، ولم يعد طباعته.

ومن الكتيبات: حلم في نجد، من شوارد الشواهد، من غزل الفقهاء.

هـ -المؤلفات الذاتية: من حديث النفس، ذكريات.

و –المؤلفات العامة: في بلاد العرب، صيد الخاطر، مقدمات الشيخ علي الطنطاوي، البواكير.

زر الذهاب إلى الأعلى