تراجم

ترجمة أكثم بن صيفي هل دخل الإسلام أم لا

هو أكثم بن صيفي بن رباح بن الحارث بن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم التميمي.

قال أبو نعيم الأصبهاني: أكثم بن صيفي وهو ابن عبد العزى بن منقذ بن ربيعة بن أصرم، من ولد كعب بن عمرو.

حكيم من حكماء العرب، بل هو أحد أشهر حكام العرب في الجاهلية وأحد المعمرين فيها، وكان يلقب بحكيم العرب لفصاحته وعلمه وضربه للأمثال والحكم. وهو من قبيلة بني تميم المضرية التي اشتهرت بالشجاعة والقوة والحكمة. شارك في الغزوات والمعارك مع قومه وأشار عليهم في يوم الكلاب الثاني فانتصروا على مذحج وحلفائها من أهل اليمن. كان كاتباً وخطيباً وقاضياً وأرسل إلى ملوك فارس والعرب لإظهار مقدار العرب وفصاحتهم. خطب أمام كسرى وأبهره بحجته ونصحه.

أكثم بن صيفي وكسرى ملك الفرس

أكثم بن صيفي لم يكن مجرد حكيم عربي، بل كان أيضاً شاعراً وقاضياً وسفيراً لقومه. من أشهر قصصه سجاله مع أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، حيث تحداه في الشعر والحجة والنسب، وأثنى عليه النبي بالقول: “إن أكثم بن صيفي من أعلام العرب”. كما أنه خطب أمام كسرى ملك فارس وأدهشه بفصاحته وحكمته، حتى قال له: “لو لم يكن للعرب غيرك لكفى”. وقد كان يكاتب ملوك العرب والأجانب بالنصح والإرشاد، وكان يضرب الأمثال والحكم التي تدل على فطنته وعقله.

عاش حتى سنة ٦٣٠ ميلادية وتوفي من شدة العطش قبل أن يصل إلى مكة لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن أوصى قومه باتباعه. نزلت فيه آية {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيراً وَسَعَةً ۚ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}. والله أعلم.

هل أسلم أكثم بن صيفي؟

أدرك أكثم بن صيفي الإسلام لكنه لم يدخله، فعندما بُعِثَ النبي صلى الله عليه وسلم أراد أكثم بن صيفي أن يأتيه فأبى قومُه أن يدعوه لكبر سنه، فبعث أكثمُ من يبلغ النبي عنه ويبلغ أكثمَ عن النبي، فأرسل رجلان فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه الخبر وأخذا عنه أنه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، فنصح قومه بأن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وأقر به وسار إليه في مئة من قومه لكنه مات في الطريق، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، لكن أصحابه الذين ساروا معه وبلغوا المدينة أسلموا.

وقيل عندما حضرته الوفاة قال: أوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم.

عاش مائةً وتسعين سنةً، وقيل: مائتين. وقيل: ثلاثمائة وثمانية وستين.

توفي في السنة التاسعة للهجرة.

هل قال أكثم بن صيفي الشعر؟

نعم، قال أكثم بن صيفي الشعر وكان شاعراً مشهوراً في الجاهلية. وله نصوص في الحكمة والحرب والنصيحة والمدح والهجاء.

ومن بعض شعر أكثم بن صيفي هي:

قصيدة ثوينا بالقطاقط ماثوينا: التي تحكي عن معركة بين بني تميم ومذحج وأهل اليمن، وفيها يقول:

ثوينا بالقطاقط ماثوينا * وبالعبرين حولاً ما نريم

وأخرب أهلها إن قد هلكنا * وقد أعي الكواهن والبسوم

واسانا على ما كان أوس * وبعض القوم ملحي ذميم

قصيدة يا حمل بن مالك بن أهبان: التي تحكي عن نصحه للملك النعمان بن المنذر، وفيها يقول:

يا حمل بن مالك بن أهبان * هل تبلغن ما أقول النعمان

إن الطعام كان عيش الإنسان

خطبة أكثم بن صيفي

خطبة أكثم بن صيفي هي خطبة شهيرة ألقاها الشاعر والحكيم الجاهلي أمام كسرى الملك الفارسي عندما ذهب مع وفد من العرب لزيارته. وفي هذه الخطبة، أثنى أكثم على فضائل العرب وأصولهم وشجاعتهم وحكمتهم، وأنكر استنقاص الفرس من شأنهم، وأبهر كسرى بفصاحته وبلاغته وحجته. وقد نُقِلت هذه الخطبة في كتب التاريخ والأدب، وفيما يلي نصها:

يا ملك الفرس، إنا قوم عرب، لنا أصول وأنساب، لنا مجد وشرف، لنا حقوق وأعراف، لنا حروب وسلام، لنا ملوك وأشراف، لنا شعراء وخطباء، لنا فرسان وأسود، لنا علماء وحكماء، لنا دين وشريعة، لنا توحيد وإسلام. نحن أولى بالحق منكم، فإن الله خلق آدم من تراب الجزيرة العربية، وجعل من ذريته الأنبياء والصالحين. نحن أولى بالشجاعة منكم، فإن الله جعل في قلوبنا الغيرة على الدين والأرض والعرض. نحن أولى بالحكمة منكم، فإن الله جعل في ألسنتنا الفصاحة والبلاغة والحجة. نحن أولى بالشرف منكم، فإن الله جعل في أصولنا الطهارة والصفاء والبراءة. نحن أولى بالمجد منكم، فإن الله جعل في تاريخنا الأيام والغزوات والفتوحات. نحن أولى بالعز منكم، فإن الله جعل في نفوسنا الكبرياء والإباء والاستقامة. فلا تستخفوا بشأننا، ولا تستهزئوا بقدرتنا، فإن الذي يستخف بشأن قوم يستدع غضبهم، والذي يستهزئ بقدرة قوم يستحق عقابهم. فإذا اشتد الموقف بينكم وبين قوم أخر فلا تضروهم إلا بالقانون، فإذا ضروكم بغير حق فلا تضروهم إلا بالسلاح.

أكثم بن صيفي وشعراء الجاهلية

كان لأكثم بن صيفي علاقة بالشعراء الآخرين في زمنه، ومنهم:

  • النعمان بن المنذر: وهو الملك اللخمي الذي كان يحترم أكثم ويستشيره في أموره، وكان أكثم ينصحه بالعدل والإحسان والتقوى، ويحذره من الظلم والفساد والغضب. وقد أرسل أكثم إلى النعمان رسالة فيها نصائح وعبر، وفيها يقول: يا نعمان إذا غضبت فاحتجب فإن الغضب يورث العجز والهوان وإذا اشتد غضبك فاستعذ بالله فإن الله يحول بين القلب واللسان.
  • عمرو بن كلثوم: الشاعر الجاهلي المشهور، الذي كان يحترم أكثم ويقدر حكمته، وكان أكثم ينصحه بالصبر والتوكل على الله في مواجهة الأعداء، ويحذره من الغرور والتكبر. وقد أرسل أكثم إلى عمرو رسالة فيها نصائح وعبر، وفيها يقول: يا عمرو لا تظن بأن المجد دائم فإن المجد لله خالق الأكوان ولا تظن بأن الدهر سائغ لك فإن الدهر متغير كالأحوال ولا تظن بأن القوم سامعون لك فإن القوم مختلفون في الأقوال.
  • زهير بن أبي سلمى: وهو الشاعر الجاهلي المشهور، الذي كان يحب أكثم ويستفيد من حكمته، وكان أكثم يشجعه على قول الحق والدفاع عن المظلومين، ويحذره من التزلف للسلاطين والخضوع للجور. وقد أرسل أكثم إلى زهير رسالة فيها نصائح وعبر، وفيها يقول: يا زهير لا تخف من قول الحق فإن الحق أبلج من كل باطل ولا تخف من دفع ظلم المتجبر فإن المظلوم مؤيد بالرب الجبار ولا تخف من رضى المتسلط فإن رضاه مشروط بالذل والخسارة.

أقوال أكثم بن صيفي

أكثم بن صيفي كان يعد أشهر حكماء العرب قبل الإسلام ومن رؤساء بني تميم البارزين، وصُنف أنه حكيم العرب بدون منازع. فإذ اطلع المرء على حكمته التي قالها قبل زمن طويل، أقر أنها تنفع في وقتنا الحاضر وتكون مثلاً رائعاً ونهجاً مستقيماً للحياة الصحيحة. وكان أكثم من أفصح العرب لساناً، وأعلمهم نسباً، وأكثرهم ضرباً للأمثال والحكم. كما وُصَِ بالحكيم المشهور. فهو من الخطباء البلغاء والحكام الرؤساء. ننقل إليكم من بعض أقواله وحكمته الكثيرة:

-الْحَزْمُ فِي الْأُمُورِ: حِفْظُ مَا كُلِّفْتَ، وَتَرْكُ مَا كُفِيتَ. (المجالسةُ وجواهرُ العلمِ للدِّيْنَوَرِيِّ: ٣/ ١٨٥).

-الِانْقِبَاضُ مِنَ النَّاسِ مَكْسَبَةٌ لِلْعَدَاوَةِ، وَإِفْرَاطُ الأُنْسِ مَكْسَبَةٌ لِقُرَنَاءِ السُّوءِ. (عيونُ الأخبارِ لابنِ قتيبةَ: ص: ٤٥٠).

-إنَّ سِرَّكَ مِنْ دَمِكَ فَانْظُرْ أَينَ تُرِيقُهُ. (بهجة المجالس وأنس المجالس لابن عبد البر: ١٠٠).

-دِعَامَةُ الْعَقْلِ الْحِلْمُ، وَالْمَسْأَلَةُ مِفْتَاحُ التَّوثِيقِ، وَفِي الْمَشُورَةِ مَادَّةُ الرَّأْيِ. (البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي: ٩/ ٧٨).

-مَنْ صَبَرَ ظَفِرَ. (أدب الدنيا والدين للماوردي: ٢٩٠).

-حَتْفُ الرَّجُلِ بَينَ لَحْيَيهِ. (الموشى للوشاء: ٩).

-لِقَاءُ الْأَحِبَّةِ مَسْلَاةُ الْهَمِّ. (الموشى للوشاء: ٢٦).

-لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ. (الأمثال للهاشمي: ١/ ٢١٣).

-مَنْ رَضِيَ بِالْقَسْمِ طَابَتْ مَعِيشَتُهُ، وَمَنْ قَنِعَ بِمَا هُوَ فِيهِ قَرَّتْ عَينُهُ. (القناعة والتعفف لابن أبي الدنيا: ٥٩).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى