الأشهر العربية

شهر رجب

الأشهر الحُرُمُ أربعة: ثلاثة سرد وواحد فرد، فالسرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، والفرد رجب.

وصار فرداً لأنه يأتي بعده شعبان وشهر رمضان وشوال. أي ليس بعده شهر محرم، فهو منفرد لوحده عن بقية الأشهر الحرم.

ورجب من الشهور مُنْصَرِفٌ.

وكانت العربُ تُرَجِّبُ، وكان ذلك لهم نُسُكاً وذبائِحَ في رَجَبٍ.

لماذا سمي رجب بهذا الاسم؟

فيه أقوال:

١ -إنما سمي رجب: رجباً، لتعظيم العرب له في الجاهلية فلا يستحلُّون القتال فيه ولا يرونَ الغارةَ. من قولهم: رَجَبت الرجل أَرْجُبُه رِجباً: إذا أفزعته أو هِبته أو عظمته.

قاله قطرب وشَمِر بن حمدويه وابن دريد وأبو بكر الأنباري والفارابي والأزهري والجوهري وابن فارس والعسكري وابن سيده وابن القطاع والزمخشري والقاضي عياض والحميري وابن منظور.

-قال ابن فارس: رَجَّبْتُ الشيء، أي عَظَّمْتُهُ. كأنك جعلته عُمدةً تُعْمِدُهُ لأمركَ، يقال إنه لَمُرَجَّبٌ.

وقال الشيباني: الرَّجْبُ: الْهَيْبَةُ.

-قال أبو البقاء: رجب: من قولهم: رجبت العذق إذا دعمته بشيء، سمي الشهر بذلك لما يحصل فيه من مصالح الخلق وتسكين دهمائهم بالكف عن القتال.

٢ -قال الفراء: وسمي لترجيبهم آلهتهم، أي لتعظيمهم إياها –والترجيب: التعظيم –وهو أن يعظموا آلهتهم ويذبحوا عنها. قال سلامة بن جَنْدل:

والعاديات أسابيٌّ بها … كانَّ أعتاقها أنصابُ ترجيب

وقال الأنصاري يوم سقيفة بني ساعدة: أنا جُذَيها المُحكَّك، وعُذَيقها المُرجَّب. أي أنا المعظم المكرم.

٣ -قال النحاس وقال محمد بن يزيد المبرد سمي رجباً لأنه في وسط السنة لأنه مشتق من الرواجب.

٤ -وقال بعضهم: إنما سمي (رجباً) لترجيبهم الرِّماح من الأّسنَّة، لأنها تنزع منها فلا يقاتلون فيه.

٥ -وقيل: لأن الملائكة تترجب للتسبيح والتحميد فيه وفي ذلك حديث مرفوع إلا أنه موضوع.

لماذا سمي رجب مضر؟

-أخرج البخاري في صحيحه عن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ.

-قال أبو عُبَيْدٍ القاسم بن سلّام: ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان. فإنما سماه رجب مضر لأن مضر كانت تعظمه وتحرمه ولم يكن يستحله أحد من العرب إلا حَيَّان: خثعم وطيئ فإنهما كانا يستحلان الشهور وكان الذين يُنسِئون الشهور أيام الموسم يقولون: حرمنا عليكم القتال في هذه الأشهر إلا دماء المحلّين فكانت العرب تستحل دماءهم خاصة في هذه الشهور لذلك.

قال الجوهري: وإنما قيل رَجَبُ مُضَرَ لأنّهم كانوا أشدَّ تعظيماً له.

قال القاضي عياض: وقوله رجب مضر لأنها كانت لا تغير تحريمه وكانت ربيعة تغيره.

قال ابن رجب الحنبلي: وأما إضافته إلى مضر فقيل: لأن مضر كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك وقيل: بل كانت ربيعة تحرم رمضان وتحرم مضر رجباً فلذلك سماه رجب مضر رجباً فلذلك سماه رجب مضر.

قال ابن منظور: فكأنهم –أي مضر -اخْتَصُّوا به.

مثنى رجب وجمعه

فإذا ضمُّوا إليه شَعبان فهما الرَّجَبانِ. قاله الفراهيدي والجوهري وابن فارس والرازي.

قال الفيومي: وقالوا في تثنية رجبٍ وشعبانَ رجبانِ للتغليب.

-والجمع أرْجابٌ ورُجُوبٌ ورِجَابٌ ورَجَبَاتٌ، قاله الفراء والنحاس وابن منظور.

-قال الفيومي:

أَرْجَابٌ وَأَرْجِبَةٌ وَأَرْجُبٌ مِثْلُ: أَسْبَابٍ وَأَرْغِفَةٍ وَأَفْلُسٍ وَرِجَابٌ مِثْلُ: جِبَالٍ وَرُجُوبٌ وَأَرَاجِبُ وَأَرَاجِيبُ وَرَجَبَانَاتٌ.

قال القلقشندي: ويجمع على رجبات وأرجاب، وفي الكثرة على رجاب ورجوب.

أسماء رجب في الجاهلية

الأَصَمُّ

أورده قطرب والفراء وغيرهما.

-قال قُطْرُب: وقال قومٌ: إنَّما سُمِّيَ الأَصَمَّ لأَنَّ السلاحَ يُغْمَدُ فيه فلا يُسْمَعُ وَقْع الحديدِ بَعْضِهِ على بَعْضٍ.

-قال ابن سيده: والأصَمُّ رَجَبٌ لعدمِ سماعِ السلاح فيه وقيل لأنه لم يَكُنْ يُسْمَعُ فيه اسْتغاثةُ ولا ينادي فيه يا لَفُلاَن ولا يا صَبَاحاه، قال الشاعر:

(يَا رُبَّ ذِي خَالٍ عَمٍّ عَمَمْ … قد ذاقَ كَأْسَ الحَتْمِ في الشَّهرِ الأصَمّ)

-بينما قال الحميري: إنما سمّي أصمّ لصمم الناس فيه عن إِجابة مَنْ يدعو إِلى القتال، قال:

حلالًا في الأصمِّ لكل رامٍ … تنمّس للطاطف والخصيل

-قال النووي: وهو استعارة وتقديره يصم الناس فيه كما قالوا ليل نائم أي ينام فيه.

-قال ابن منظور: وَوُصِفَ بالأَصم مجازاً والمراد به الإِنسان الذي يَدْخُلُ فيه، كما قيل ليلٌ نائمٌ، وإنما النَّائِمُ من في الليل، فكأن الإنسان في شهر رجَبٍ أَصَمَّ عن صوت السلاح.

-التثنية والجمع: قال الفراء: والتثنية: الأصمَّان. والجمع: الصُّمّ.

قال القلقشندي: يجمع على أصامّ. قال النحاس: ولا تقل صمّ لأنه ليس بنعت كما أنك لو سمّيت رجلاً أحمر جمعته على أحامر ولم تجمعه على حمر.

مُنْصِلَ الأَسِنَّةِ ومُنْصِل الأَلَّةِ ومُنْصِل الإِلال ومُنْصِل الأَلِّ

أورده قطرب وابن دريد وغيرهم.

-قال قطرب: ويُسَمَّى مُنْصِلَ الأَسِنَّةِ، لأنه كانت تُنزَعُ فيه الأَسِنَّةُ للأمْنِ والكَفِّ عن القتالِ.

-قال ابن دريد: وكان رجب يسمّى في الجاهلية مُنْصِل الأسِنّة. قال الْأَعْشَى:

(تدارَكه فِي مُنْصِلِ الألِّ بَعْدَمَا … مضى غيرَ دأداءٍ وَقد كَاد يَعْطُبُ)

-قال القاضي عياض: وَفِي الحَدِيث الآخر فِي رَجَب منصل الأسنة بِضَم الْمِيم وَكسر الصَّاد وَسُكُون النُّون تَفْسِيره فِي الحَدِيث لِأَنَّهُ من الْأَشْهر الْحرم الَّتِي كَانَت لَا تقَاتل فِيهَا الْعَرَب فَكَانَت تنْزع أسنة الرماح ونصولها إِلَى وَقت الْحَاجة يُقَال نصلت السهْم وَالرمْح إِذا جعلت لَهُ نصلاً وأنصلته إِذا أزلت نصله.

-قال الكسائي: أَنْصَلْت السهمَ، بالألف، جعلتُ فيه نَصْلاً، ولم يَذْكُرِ الوجهَ الآخرَ أن الإِنْصال بمعنى النَّزْع والإخراج، قال: وهو صحيح، ولذلك قيلَ لرجبٍ مُنْصِل الأَسِنَّة.

-قال ابن منظور: أي مخرِج الأَسِنَّة من أماكنها.

ناجِر

قاله الليث بن نصر.

-قالَ اللَّيْثُ فِي (كِتَابه): شَهْرٌ نَاجِرِ هُو رَجَب، قَالَ: وكلُّ شَهرٍ فِي صَميمِ الْحرِّ فاسْمهُ ناجِر، لأَنَّ الإبِلَ تَنْجُرُ فِيهِ، أيْ يَشْتَدُّ عَطَشُها حَتَّى تَيْبَسَ جُلودُها.

-قال ابن سيده: وناجِر: رَجَب، وَقيل: صَفَر؛ سمي بذلك لِأَن المَال إِذا وَرَد شَرِب المَاء حَتَّى يَنْجَر، أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:

صبحناهُم كأساً من الْمَوْت مُرَّةً … بناجِرَ حتَّى اشتَدَّ حَرُّ الودائقِ

المحرم

أورده الأزهري وقال: وكانت العربُ تسمي شهرَ رَجَبَ الأَصَمَّ والمحرَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأنْشد شَمِر قولَ حُمَيْدِ بن ثَوْر:

رَعَيْنَ المُرَارَ الْجَوْنَ من كلِ مذْنَبٍ… شهُورَ جُمَادى كُلَّها والمُحَرَّمَا

قَالَ وَأَرَادَ بالمحرَّم رَجَبَ، قَالَه ابنُ الْأَعرَابِي. وَقَالَ الآخر:

أقَمْنَا بهَا شَهْرَيْ رَبيعٍ كِلَيْهِما… وشَهْرَيْ جُمَادَى واستَهَلُّوا المحرَّما

أسماء رجب غير المشهورة

مُوَيْلٌ

قال الدّريدي: والمشهور أسماء غيرها بلغة العرب العاربة، وهم كانوا يسمّون (رجباً) مويلاً.

قال ابن سيده: من أَسْمَاءِ رَجَبٍ عَادِيَّةً.

هَوْبَلٌ

وذكر أبو بكر محمد بن دريد الأزدي في كتاب الوشاح أن ثمود كانوا يسمون الشهور بأسماء أخر وهي هذه: هَوْبَلٌ: يعني رجب.

أحلك

أورده المسعودي.

وذكر ابن رجب الحنبلي أسماء أخرى منها الذي ذكرناها سابقاً ومنها: شهر الله ومنفس ومطهر ومعلي ومقيم وهرم ومقشقش ومبرئ وفرد ورجم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى