الأشهر العربية

شهر رمضان المعظم وأسماؤه القديمة

قال القلقشندي: يقال في رمضان: المعظّم والمعظّم قدره لعظمته وشرفه.

وهو ممنوع من الصرف للعَلمية وزيادة الألف والنون.

قال الفراء: ويقال: هذا شهر رمضان، وهذا رمضان، بلا ذكر «شهر».

قال الله تعالى –ولا حذف فيه-: (شهر رمضان.) سورة البقرة: ١٨٥

ثم قال الشاعر العجاج -فحذف:

أبيض من أخت بني إباضِ … جاريةٌ في رمضان الماضي

                        تقطع الحديث بالإيماض

ما معنى رمضانَ؟

قال الفراء: وإنما سمي رمضان، لرُمُوضِ الحرِّ وشدة وقع الشمس فيه. وقال بعضهم: لارتماض الأرض بالحر. وبه قال أبو بكر الأنباري، والمرزوقي، وابْن السَّيِّد البطليوسي.

قال النحاس: وشهر رمضان أي: شهر الحر، مشتقٌ من الرَّمْضَاءِ.

والرَّمَض: شدّة وَقع الشَّمْس على الرمل وَغَيره، وَالْأَرْض رَمْضَاءُ كَمَا ترى. ورَمِضَ يَوْمنَا يرمَض رَمَضاً، إِذا اشتدّ حَرُّه. وأرمضَ القومَ الحَرُّ، إِذا اشتدّ عَلَيْهِم. وَيَقُولُونَ: غوِّروا فقد أرمضتمونا، أَي أنيخوا بِنَا فِي الهاجرة.

ورَمَضان من هَذَا اشتقاقه لأَنهم لما نقلوا أَسمَاء الشُّهُور عَن اللُّغَة الْقَدِيمَة سمّوها بالأزمنة الَّتِي هِيَ فِيهَا فَوَافَقَ رمَضانُ أيامَ رَمَض الحرِّ.

وبه قال الجوهريوابن فارس وابن الأثير.

وقال القاضي عياض: وَقيل بل كَانَ عِنْدهم أبداً فِي الْحر لنسائهم الشُّهُور وتغييرهم الْأَزْمِنَة وزيادتهم شهراً فِي كل أَربع من السنين حَتَّى لَا تنْتَقل الشُّهُور عَن مَعَاني أسمائها.

ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ إذَا رَمِضَتْ الْفِصَالُ مِنْ الضُّحَى» وَرُوِيَ حِينَ تَرْمَضُ، أَيْ إِذَا وَجَدَ الْفَصِيلُ حَرَّ الشَّمْسِ مِنَ الرَّمْضَاءِ يَقُولُ: صَلَاةُ الضُّحَى تِلْكَ السَّاعَةَ.

قال القاضي عياض: ترمض بِفَتْح التَّاء وَالْمِيم وضاد مُعْجمَة وَهُوَ احتراق أظلافها بالرمضاء عِنْد ارْتِفَاع الضُّحَى واستحرار الشَّمْس والرمضاء مَمْدُود الرمل إِذا استحر بالشمس وَمِنْه قَوْله ويقيك من الرمضاء يُقَال مِنْهُ رمضت ترمض وَسمي بذلك رَمَضَان من شدَّة الْحر لموافقته حِين التَّسْمِيَة زَمَنه فِيمَا قَالُوا.

رمِضَت الغنم (تعب): رَعَتْ في شدة الحر فحَبِنَتْ رئاتُها وأكبادُها وأصابَها فيها قَرْح، والصائمُ: حَرَّ من شدة العطش.

وَقيل لحر جَوف الصَّائِم فِيهِ ورَمَضِهِ للعطش.

قال الهروي: قوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ} هو مأخوذ من رمض الصائم يرمض، إذا حر جوفه من شدة العطش، والرمضاء شدة الحر.

قال أبو المنذر الصحاري: لأنه يَرْمَضُ الذنوب أي يَحْرِقُها.

وبه قال الفيروزآبادي والفَتَّنِي.

قال الـمَدِيْنِيُّ: وقيل: في اشْتِقاق رَمَضَان أَنَّه من رَمضْتُ النَّصلَ أَرمِض رَمضاً: إذا جَعلتَه بين حَجَريْن ودَقَقْته لِيَرقَّ؛ سُمِّي بِهِ، لأنه شَهرُ بلاءٍ ومَشقَّة، ليذكُرَ صائِمُوه ما يُقاسِي أَهلُ النَّار فيها.

وقيل: هو من رَمضْت في المَكانِ واحتبسْت، لأَنَّ الصائِمَ يَحتَبِس عما نُهِى عنه.

مثنى رمضان وجمعه

قال الفراء: ورمضان يجمع: رَمَضَانَاتٌ؛ ورَمَاضِينَ، لأكثر العدد؛ وأرْمِضَةٌ لأقل العدد. وإن قلت: أَرْمَاضٌ، جاز.

وبه قال النحاس وزاد: ويجوز رِمِاضٌ، كما قلت شعابٌ في جمع شعبان.

قال ابن دريد: وَزَعَمُوا أَن بعض أهل اللُّغَة قَالَ أرْمُضٌ، وَلَيْسَ بالثبْت وَلَا المأخوذِ بِهِ.

وشهر رمضان يجمع على رمضانات وأَرْمِضَاءُ. وأَرَامِيْض، ورَمَاضِي، ورَمَضَانُونَ، وأَرْمِضةٌ.

قال القلقشندي: ومن شرط فيه لفظ شهر قال في التثنية: شهرا رمضان وفي الجمع شهرات رمضان وأشهر رمضان وشهور رمضان.

قال الفراء: وقال أبو جعفر الرؤاسي: روي عن المشيخة أنهم يكرهون أن يجمع رمضان دون الشهر، ويقولون: شهر رمضان، وشهرا رمضان، وشهور رمضان.

هل رمضان من أسماء الله؟

قال الفراء: بلغني أنه اسم من أسماء الله جل وعز.

قال الفيروزآبادي: ورَمَضانُ، إِنْ صَحَّ من أسماءِ اللهِ تعالى، فَغَيْرُ مُشْتَقٍّ، أو راجِعٌ إلى مَعْنَى الغافِرِ، أي: يَمْحُو الذُّنوبَ ويَمْحَقُها.

قال بعض العلماء يكره أن يقال جاء رمضان وشبهه إذا أريد به الشهر وليس معه قرينة تدل عليه وإنما يقال جاء شهر رمضان واستدل بحديث «لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا شهر رمضان» وهذا الحديث ضعفه البيهقي وضعفه ظاهر لأنه لم ينقل عن أحد من العلماء أن رمضان من أسماء الله تعالى فلا يعمل به والظاهر جوازه من غير كراهة كما ذهب إليه البخاري وجماعة من المحققين لأنه لم يصح في الكراهة شيء وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة ما يدل على الجواز مطلقا كقوله «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين» وقال القاضي عياض وفي قوله «إذا جاء رمضان» دليل على جواز استعماله من غير لفظ شهر خلافا لمن كرهه من العلماء.

أسماء رمضان في الجاهلية

ناتِقٌ

أورده الْمُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ، وقُطْرُب، وابن دريد، والنحاس، والمرزوقي، وابن سيده.

وقال قطرب والنحاس: الجمع نواتق.

قال القلقشندي: روي عن العرب العاربة: وهو أنهم كانوا يقولون في رمضان: ناتق.

قال الشاعر:

وَفِي ناتق أجلت لَدَى حومة الوغى … وَوَلَّتْ على الادبار فرسَان خثعما

قال الزمخشري: أراد رمضان لأنه ينتق الصوّام كما يرمضهم.

وشهر رمضان ناتقٌ، أي: يكثر عندهم المال فيه لتشعبهم في الذي قبله وإغارتهم على الأموال.

قال المرزوقي: وإنمّا سمّي بذلك لأنّه كان مكثراً لهم الأموال، يقال: نَتَقَتِ المرأة: إذا كثرت الولد، والنّتق الجذب أيضاً، كأنّه كان يجذب النّاس إلى غير ما هم عليه.

قال الطيبي: كما سموه ناتقاً؛ لأنه كان ينتقهم، أي: يزعجهم إضجاراً بشدّته عليهم.

قال الرّاعي:

وفي ناتق كان اصطلام سراتهم … ليالي أفنى القرح جلّ إياد

نفوا إخوة ما مثلهم كان إخوة … لحيّ ولم يستوحشوا لفساد

وأَنتقَ صامَ ناتقاً، وَهُوَ شهر رَمَضَان.

أسماء رمضان غير المشهورة

ذيمر

قال الدّريدي: والمشهور أسماء غيرها بلغة العرب العاربة، وهم كانوا يسمّون (رمضان) ذيمراً.

نافِق

أورده البيروني، وقال إنه من نظم الصاحب بن عباد في شعر له.

نَاظِلٌ

قال البيروني: وقد توجد هذه الأسماء مخالفة لما أوردناه ومختلفة الترتيب كما نظمها أحد الشعراء في شعره.

وواغلةٌ وناظلةٌ جميعاً … وعادلةٌ فهم غرر حسانُ

وأضاف البيروني: وأما ناظل فهو مكيال للخمر سمي به لإفراطهم في الشرب وكثرة استعمالهم لذلك المكيال، لأن ما يتلوه هي شهور الحج.

دَيْمَرٌ

قال البيروني: وذكر أبو بكر محمد بن دريد الأزدي في كتاب الوشاح أن ثمود كانوا يسمون الشهور بأسماء أخرى وهي هذه: ديمر. يعني لشهر رمضان.

قال وإنهم كانوا يبتدئون بها من شهر ديمر وهو شهر رمضان.

زاهر

أورده المسعودي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى