مقالات لغوية

ما أهمية النحو؟

يثار الجدل دائماً بين صفوف الطلاب في المراحل الدراسية المتقدمة عن أهمية النحو في المناهج الدراسية، ويرى البعض أنها مادة صعبة المنال وقد يفشل فيها آخرون لأنهم يكرهونها.

في هذه المقالة سنوضح لكم أهمية النحو في اللغة العربية، وفائدته في حياتنا المعاصرة، كما سنأتي لكم بأقوال العلماء عن أهمية النحو.

النحو هو العمود الفقري للغة العربية

إن النحو هو دِعامةُ العلوم العربية، وقانونُها الأعلى.

وإن علوم اللغة العربية ترجع إلى علم النحو في جليل مسائلها، وفروع تشريعها؛ ولن تجد علماً منها يستقلُ بنفسه عن النحو، أو يستغني عن معونته، أو يسيرُ بغير نوره وهداه.

وهذه العلوم النقلية على عظيم شأنها لا سبيل إلى استخلاص حقائقها، والنفاذ إلى أسرارها، بغير علم النحو، إذ لا يمكننا أن ندرك كلام الله تعالى، ونفهم دقائق التفسير، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأصول العقائد، وأدلة الأحكام، وما يَتْبعُ ذلك من مسائل فقهية، وبحوث شرعية مختلفة قد ترقى بصاحبها إلى مراتب الإمامة، وتسمو به إلى منازل المجتهدين إلا بتعلم النحو وإرشاده؟

وإن العلماء العرب أجمعوا على أن النحو شرط في رتبة الاجتهاد، وأن المجتهد لو جمع كل العلوم لم يبلغ رتبة الاجتهاد حتى يعلمَ النحو، فيعرف به المعاني التي لا سبيل لمعرفتها بغيره. فرتبة الاجتهاد متوقفة عليه، لا تتم إلا به.

وقد هيأ لنا علم النحو اللغة وجعلها أداة طَيِّعة للتفاهم، وسخرها مركباً ذَلولاً للإبانة عن أغراضنا، والكشف عما في نفوسنا.

وهو الذي أقدرنا على استخدامها قدرةَ الأولين من العرب عليها، ومَكَّن لنا من نظمها ونثرها تمكُّنَهُم منها، وأطلق لساننا في العصور المختلفة إطلاقاً صحيحاً فصيحاً كما أطلق لسانهم، وأجرى كلامنا فب حدودٍ مضبوطةٍ سليمة كالتي جرى فيها كلام العرب، وإن كان ذلك منهم طبيعة، ومنا تطبعاً؟

إنه: النحو؛ وسيلة المستعرب، وسلاح اللغوي، وعماد البلاغي، وأداة المشرّع والمجتهد، والمدخل إلى العلوم العربية والإسلامية جميعاً.

فليس عجيباً أن يصفه الأعلام السابقون بأنه: ميزانُ العربية، والقانونُ الذي تُحْكَمُ به في كل صورة من صورها.

والنحو علمٌ بأصولٍ تُعرف بها أحوالُ الكلمات العربية من حيث الإعرابُ والبناء. أي من حيث ما يَعرِضُ لها في حال تركيبها. فبه نعرِف ما يجب عليه أن يكون آخرُ الكلمة من رفع، أو نصب، أو جرّ أو جزمٍ، أو لزومِ حالةٍ واحدةٍ، بَعد انتظامها في الجملة.

ومعرفته ضرورية لكل من يُزاول الكتابة والخطابة ومُدَارَسَةِ الآداب العربية.

والنحو أساس ضروري لكل دراسةٍ للحياة العربية، في الفقه والتفسير والأدب والفلسفة والتاريخ وغيرها من العلوم؛ لأنك لا تستطيع أن تدرك المقصود من نص لغوي دون معرفة بالنظام الذي تسير عليه هذه اللغة.

واسمع إلى ما يقول عبد القاهر: إن الألفاظ مغلقة على معانيها حتى يكون الإعراب هو الذي يفتحها، وإن الأغراض كامنة فيها حتى يكون هو المستخرج لها، وإنه المعيار الذي لا يُتَبَيَّنُ نقصان كلام ورجحانه حتى يُعرض عليه، والمقياس الذي لا يُعرف صحيح من سقيم حتى يُرجَعَ إليه، ولا يُنْكِرُ ذلك إلا من ينكر حسه، وإلا من غالط في الحقائق نفسه.

أهمية النحو في عصرنا

يساعد النحو في عصرنا على ما يلي:

١ -التعرف على صحة أو ضعف التراكيب اللغوية والألفاظ.

٢ –يساهم في ضبط أواخر الحروف وتجنب نطق الكلمات ساكنة، وهذا من قبيح اللفظ في عصرنا.

٣ –يساعد على تجنب الوقوع في أخطاء التأليف.

٤ –يساعد الصحفي والمذيع في إيصال الكلمات للمتلقي إيصالاً واضحاً ولا يوقعه في اللحن، كما يحصل الآن مع أغلب المذيعين.

٥ –يساهم في توضيح اللفظ في المدارس العربية للطالب والمعلم على حد سواء.

٦ –يساهم في معرفة أرقام الحوالات والأرصدة المالية المكتوبة كتابة، وذلك منعاً للتزوير.

كمالية علم النحو وجهد العلماء فيه

يقول المستشرق الألماني “يوهان فك” في كتابه (العربية، دراسة في اللغة واللهجات والأساليب): لقد تكلفت القواعد التي وضعها النحاة العرب في جهد لا يعرف الكلل، وتضحية جديرة بالإعجاب بعرض اللغة الفصحى وتصويرها في جميع مظاهرها، من ناحية الأصوات، والصيغ، وتركيب الجمل، ومعاني المفردات على صورة شاملة، حتى بلغت كتب القواعد الأساسية عنده مستوى من الكمال لا يسمح بزيادة لمستزيد.

وتلك حقيقة لا نستشهد بكلام مستشرق على صوابها؛ ولكنا نشير فحسب إلى هذا النحو وقدرته على حفظ العربية طوال هذه القرون، وصيانتها من التحلل والفساد، وذلك وحده كافٍ أن نطرح من فكرنا تشكيك الناس في النحو العربي، وعلينا أن نبحث عن الداء في موطن آخر.

أقوال العلماء في النحو

-قال عنه عروة بن الزبير بن العوام: مَا أَحْدَثَ النَّاسُ مُرُوءَةً أَفْضَلَ أَوْ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنَ النَّحْوِ.

-قالَ شُعْبَةُ: مثل الَّذِي يحفظ بل يتَعَلَّم الحَدِيث وَلَا يتَعَلَّم النَّحْو مثل السرير لَا رَأس لَهُ.

-قال أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ: تَعَلَّمُوا النَّحْوَ؛ فَإِنَّهُ جَمَالٌ لِلْوَضِيعِ، وَتَرْكُهُ هُجْنَةٌ لِلشَّرِيفِ.

-قال الزُّهريُّ: النحو في العلم بمنزلة الملح في القدر، والرامك في الطيب.

-قال ثعلبٌ: تعلموا النحو فإنَّه أعلى المراتب.

-قال ياقوت الحموي: وحسُبك شرف هذا العلم، أن كل علم على الإطلاق مفتقر إلى معرفته، محتاج إلى استعماله في مُحاورته. وصاحبُه فغير مفتقر إلى غيره، وغير محتاج إلى الاعتضاد والاعتماد على سواه.

-قال ابن خلدون في مقدمته عن أهمية تعلم النحو: إذ به يتبين أصول المقاصد بالدلالة فيعرف الفاعل من المفعول والمبتدأ من الخبر ولولاه لجهل أصل الإفادة، لأن الكاتب أو الشاعر إذا كان عارفاً بالمعاني، مختاراً لها، قادراً على الألفاظ، مجيداً فيها، ولم يكن عارفاً بعلم النحو، فإنه يفسد ما يصوغه من الكلام، ويختل عليه ما يقصده من المعاني.

-وكان يقال: الإعراب حلية الكلام ووشيه.

خاتمة

مما لا شك فيه أنه لكل مادة صعوبة ولكل صعوبة مفاتيح وحلول، لكن الإرادة وحدها هي من تساهم في تذليل هذه العقوبات، لذا عزيزي الطالب، فلتكن لديك العزيمة والإصرار على تعلم أفضل علم عربي على الإطلاق ولا تضع لنفسك العراقيل الوهمية أمام دراسته.

بعد هذا الكلام عن أهمية النحو وفائدته هل سنجد شخصاً يقول: ما هي فائدة النحو؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى