علم المعاني

المساواة من علم المعاني

تعد المساواة من علم المعاني، وهي من أنواع ائتلاف اللفظ مع المعنى كما وصفها ابن قدامة.

وقال: البلاغة ثلاثة مذاهب: المساواة، وهي مطابقة اللفظ والمعنى لا زائداً ولا ناقصاً. والإشارة وهي أن يكون اللفظ كاللمحة الدالّة، والتذييل وهو إعادة الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد، ليظهر لمن لم يفهمه، ويتأكد عند من فهمه.

فالمساواة أن يكون اللفظ مساوياً للمعنى، حتى لا يزيد عليه ولا ينقص عنه.

وهذه هي البلاغة التي وصف بها بعض الكتاب رجلاً فقال: كانت ألفاظه قوالب لمعانيه، أي هي مساوية لها لا يفضل أحدهما على الآخر، وذلك مثل قول زهير:

ومهمَا تكنْ عند امرئٍ من خليقةٍ … وإن خالهَا تخفَى على الناسِ تعلمِ

ومثل قول طرفة:

لعمركَ إن الموتَ ما أخطأَ الفتَى … لكالطولِ المرخَى وثنياهُ باليدِ

ستبدِى لك الأيامُ ما كنتَ جاهِلاً … ويأتيكَ بالأخبارِ منْ لم تزودِ

-وقال أبو هلال العسكري:

أن تكون المعاني بقدر الألفاظ، والألفاظ بقدر المعاني لا يزيد بعضها على بعض، وهو المذهب المتوسط بين الإيجاز والإطناب.

أمثلة عن المساواة

-ومنها: قوله عزّ وجل: حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ.

وقوله تعالى: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ.

-ومن كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزال أمتي بخير ما لم تر الأمانة مغنماً والزكاة مغرماً».

وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إياك والمشارّة فإنها تميت الغرّة وتحيي العرّة».

-ومن نثر الكتّاب قول بعضهم: سألت عن خبري وأنا في عافية لا عيب فيها إلا فقدك، ونعمة لا مزيد فيها إلا بك.

وقوله: علمتني نبوتك سلوتك، وأسلمني يأسى منك إلى الصّبر عنك. وقوله:

فحفظ الله النعمة عليك وفيك، وتولّى إصلاحك والإصلاح لك، وأجزل من الخير حظّك والحظّ منك، ومنّ عليك وعلينا بك.

وقال آخر: يئست من صلاحك بي، وأخاف فسادي بك، وقد أطنب في ذم الحمار من شبّهك به.

فالألفاظ هنا مساوية للمعاني تمام المساواة، وكل زيادة ستكون لغير فائدة وكل نقص سيؤدي إلى إخلال بالمعنى.

ما الفرق بين الإيجاز والمساواة؟

قال ابن أبي الاصبع:

المساواة لا تكون إلا في المعنى المفرد يعبر عنه بلفظ مساو له لا يزيد عليه ولا يقصر عنه، والإيجاز يكون في ذكر القصص والأخبار التي تضمنت معاني شتى متعددة، وخلاصة ذلك أن المساواة في معاني الجمل التي تتركب منها الأبيات والفصول، والإيجاز في الأبيات والفصول.

أقسام المساواة

-قال المؤيد بالله:

ثم إنها جارية على وجهين، أحدهما: أن يكون مساواة مع الاختصار، وهذا نحو أن يتحرى البليغ في تأدية معنى كلامه أوجز ما يكون من الألفاظ القليلة الأحرف، والكثيرة المعاني، التي يتعسر تحصيلها على من دونه في البلاغة، ومن هذا قوله تعالى: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان 

وقوله تعالى: وهل نجازي إلا الكفور 

هذه أحرف قليلة تحتها فوائد غزيرة، ونكت كثيرة، فهذا نوع من المساواة.

وثانيهما: أن يكون المقصود المساواة من غير تحر ولا طلب اختصار، ويسمى «المتعارف» والوجهان محمودان في البلاغة جميعاً، خلا أن الأول أدل على البلاغة وأقوى على تحصيل المراد.

مجالات استخدام المساواة

وتستخدم المساواة في عدة مجالات وهي:

1 -متون العلوم المحررة.

2 -نصوص المواد القانونية والتشريعية.

3 -نصوص المعاهدات بين الدول.

4 -القرارات والمراسيم.

5 -بيانات أحكام الدين، ومطالب الشريعة المحددة.

6 -بيانات الحقوق والواجبات.

إلى غير ذلك مما يشبه هذه المجالات.

المساواة إيجاز بالتقدير

وقد عد ابن الأثير المساواة من أقسام الإيجاز، وسماها «الإيجاز بالتقدير»، وعرفه بأنه الإيجاز الذي يمكن التعبير عن معناه بمثل ألفاظه وفي عدتها، أو هو ما ساوى لفظه معناه.

ووافقه إلى ذلك الطيبي وسماها إيجاز بالقصر.

ويتضح من كلام البلاغيين اتجاهان:

الأول: إن المساواة واسطة بين الإيجاز والإطناب، وإلى ذلك ذهب السكاكي والقزويني والجرجاني وشراح التلخيص.

الثاني: إن المساواة داخلة في قسم الإيجاز، وإلى ذلك ذهب ابن الأثير والطيبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى