الخير في نثر أحمد شوقي
يُعَدُّ الْخَيرُ فِي ذِرْوَةِ الْفَضَائِلِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَلِذَا اهْتَمَّ بِهِ الْأُدَبَاءُ الْعَرَبُ، وَحَاوَلُوا فِي شِعْرِهِمْ وَنَثْرِهِمْ أَنْ يَحُضُّوا النَّاسَ عَلَيهِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ شَوقِيٌّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ (١٣٥١هـ)، حَيثُ عَبَّرَ عَنْهُ بِشَجَرَةٍ جَمِيلَةٍ يَتَنَاوَبُ عَلَيهَا الطَّيرُ وَالْإِنْسَانُ.
النَّصُّ النَّثْرِيُّ: الْخَيرُ
الْخَيرُ شَجَرَةٌ مَرْآهَا جَمِيلٌ، وَظِلُّهَا مَقِيلٌ، وَأَعَالِيهَا هَدِيلٌ، وَهِيَ مُذَلَّلَةُ السَّبِيلِ، الطَّيرُ عَلَى جَوَانِبِهَا تَمِيلُ، وَالنَّاسُ فِي ظِلِّهَا الظَّلِيلِ.
فَأَمَّا الطَّيرُ فَتَنْزِلُ مُجْمَلَاتٍ، وَتَرْحَلُ غَيرَ مُحَمَّلَاتٍ، تَسْقُطُ مُشْفِقَاتٍ، وَتَلْقُطُ مُتَرَفِّقَاتٍ، وَتَشْدُو بِشُكْرِ الصِّنِيعِ مُنْطَلِقَاتٍ.
وَأَمَّا النَّاسُ فَلَا يَتَّئِدُونَ فِي الثَّمَرَةِ، وَلَا يُرَفِّهُونَ عَنِ الشَّجَرَةِ؛ يَهُزُّونَ أُصُولَهَا بِعُنْفٍ، وَيَنْفِضُونَ فُرُوعَهَا بِغَيرِ لُطْفٍ؛ يُسَاقِطُونَ الْجَنَى بَطَرْفِ الْعَصَا، وَيَسْتَنْزِلُونَ الثَّمَرَ بِرَمِيِ الْحَجَرِ؛ يَلُمُّونَ وَيَلُومُونَ، وَيَطْعَمُونَ وَيَطْعَنُونَ، وَيَلْعَقُونَ وَيَلْعَنُونَ؛ يَجْنُونَ الثَّمَرَ وَيَلْحَونَ الشَّجَرَ.