كيف أتعلم الكتابة الإبداعية وأزيد من مهاراتي بها؟
تعد الكتابة الإبداعية فناً من فنون التعبير الأدبي، وتعرف بما يلي:
أن تكتب بطريقة جميلة وممتعة ومؤثرة في المتلقي؛ بحيث لا يشعر بالملل والسأم، وتجعله يتابع القراءة ويستمتع بها، وتجذبه بهذه الكتابة إلى ما يقرأ، أو تجعله يتفاعل مع منتجات تريد الترويج لها.
وتتطلب الكتابة الإبداعية من الكاتب أن يكون لديه مهارة الكتابة أولاً ثم الدراية الواسعة بفنون الكتابة، والخيال الواسع في التعبير والملاحظة الدقيقة، والقدرة على إيصال المعلومة إيصالاً جذاباً وواضحاً وسهلاً.
تشمل الكتابة الإبداعية أنواعاً عديدة من الفنون الأدبية والعلمية منها: كتابة القصص، والروايات، والشعر، والمسرحيات، والحوارات، والخواطر، والمقالات بجميع صنوفها، وهذه الأخيرة، أي كتابة المقالات، هي أكثر ما يهم الكاتب العربي في عصرنا.
فإن كانت لديك موهبة في الكتابة الإبداعية أو لم تكن لديك عليك أن تحسن مهاراتك فيها وتزيد من قدراتك في التعبير؛ فالموهبة إن لم تصقل، والمعلومات إن لم تراجع، والمهارات إن لم تتحسن تراجع الأديب والكاتب.
ستقول: إذاً، بماذا تنصحني، وما الإرشادات التي يمكن أن تساعدني بها في مجال تطوير الكتابة الإبداعية وتحسينها لدي؟
سأجيبك بما يأتي وهي ست خطوات لا بد منها:
١ –اقرأ كثيراً
تُعَدُّ القراءة أهم مصدر من مصادر تطوير المفردات اللغوية والأساليب الأدبية والثقافة العلمية، فكلما قرأت أكثر ازدادت قدراتك على فهم وتقدير وتحليل مختلف النصوص وتطورت بالتالي خبراتك وأفكارك وأساليب الكتابة لديك. حاول أن تقرأ نصوصاً منوعة؛ أدبية وعلمية، من حيث موضوع هذه النصوص وجنسها وزمانها ومكانها، ولا تقيد نفسك بزمان قديم أو حديث اقرأها كلها وتعلم منها.
لكن احذر من القراءة السريعة وغير المتدبرة، وضع في حسبانك أن تقرأ نوعاً لا كماً؛ فكلما قرأت نوعيةَ كتبٍ أفضل زادت قدراتك، حتى لو تأخرت في إنهاء هذا الكتاب.
٢ –اكتب باستمرار
إن القراءة وحدها لا تكفي؛ فلا بد من تطبيق ما تعلمته، ويكون ذلك بأن تكتب أفكاراً حتى لو كانت تقليداً لغيرك، فقط ابدأ بالكتابة ولا تتأخر؛ إذ لا يمكنك أن تصبح كاتباً بالقراءة فقط. اكتب ولو لبضع دقائق أو نزراً يسيراً من السطور، ولا تخف من الوقوع في الخطأ أو الانتقاد؛ فلولا الخطأ لم نعرف الصواب. وإن الوقوع في الخطأ هو جزء من عملية التعلم والتطور الأدبي والعلمي.
ستقول لي: ماذا أكتب؟
وسأجيبك: اكتب الأشياء التي تثير اهتمامك والتي تشغل بالك والتي تراها قريبة من قلبك أو تصقل موهبتك، وإياك في البداية أن تحد نفسك بقوانين أو قواعد أو قوالب جاهزة أو محددة.
٣ –استخدم خيالك الأدبي
يعد الخيال عنصراً أساسياً في الكتابة الإبداعية، وهو بداية إطلاق الفكر المكتوب؛ لأنه يعطيك مساحة كبيرة مملوءة بالعوالم والشخصيات والأحداث غير الموجودة، وربما غَيَّرَ الخيال وحَوَّل الواقع إلى ابتكار واكتشاف مثير للاهتمام.
استخدم هذا الخيال بحرية ودون قيود، وجرب أفكاراً جريئة وغير متوقعة أو مبتذلة من غيرك، ولا تخضع لشيء مألوف أو طريقة معتادة، بل كن مفكراً مغامراً ومجازفاً ومبدعاً في الوقت ذاته.
-ستقول لي: قبل قليل نصحتني بأن أكتب ولو تقليداً، والآن تقول: جرب أفكاراً غير مبتذلة من غيرك.
-سأرد عليك: نصحتك بالتقليد في البداية حتى تنطلق وتكتب ولا تجد صعوبة، أما بعد أن تنطلق فلا تقلد.
٤ –اقرأ ما كتبت لغيرك
إن ردود أفعال الناس على ما تكتب هي طريقة مفيدة لتحسين مهاراتك في الكتابة الإبداعية؛ لأنها تساعدك على معرفة نِقاط الضعف لديك وتعزز نِقاط قوتك، وإن النقد البناء الذي ستتلقاه من الآخرين سيسهم في تطوير أسلوبك ومحتواك على حد سواء.
لكن ما السبيل إلى ذلك؟ لديك طريقتان:
الأولى: أن تقرأ ما كتبت بصوت عالٍ بينك وبين نفسك، فتعرف هذه الأفكار كيف سيكون وقعها على غيرك وتختبر ذلك بنفسك، وهي طريقة أنصح بها كل من أعلمه.
الطريقة الثانية: أن تطلب من أخيك أو أختك أو أمك أو أبيك أو زميلك أو حتى معلمك أو كلهم، اطلب منهم أن يسمعوا لك في أوقات فراغهم ما كتبت، لكن كن مستعداً لتلقي بقدهم وكن إيجابياً وذو صدر رحب.
٥ –تعلم من كتب التعبير
تعد مصادر تعليم الكتابة؛ أي كتب التعبير الوظيفي هي الموئل الأساسي للحصول على المعلومة فيما يخص مجال تعلم الكتابة الإبداعية، وهذه الكتب تمكنك من التعرف على قواعد ومبادئ وتقنيات الكتابة الإبداعية، وتعطيك أمثلة على نصوص إبداعية لتتعلم تعلماً أكاديمياً. وتوجد العديد من الكتب والمجلات والبحوث وربما مواقع الإنترنت أو التطبيقات التي تهتم بشؤون الكتابة الإبداعية بلغتنا الفصحى الجميلة، والتي يمكنك الاستفادة منها، نذكر لك بعضاً من الكتب التي ننصح بها في مجال التعبير الوظيفي:
أ -كتاب أسس تعليم الكتا بة الإبداعية، للدكتور رعد مصطفى خصا نة
المحور الأساسي الذي يدور حوله هذا الكتاب هو الكتابة الإبداعية، مفهومها، مهاراتها، وإستراتيجيات تدريسها.
هدف الكتاب: إثراء ميدان تعليم الكتابة الإبداعية، وتطوير معارف ومهارات المهتمين بتعلمها وتعليمها؛ ليمتلكوا الكفايات اللازمة لممارسة هذا الشكل من أشكال الكتابة التعبيرية.
ب –كتاب تقنيات التعبير وأنماطه بالنصوص المو جهة لجورج خليل مارون
هو كتاب لتعليم الكتابة والتعبير والخطابة.
اعتمد فيه المؤلف على الأنشطة التطبيقية وسيلة لترسيخ المعارف والمعلومات، وتنمية مهارة المتعلم على استخدام هذه التقنيات وفق المعايير المحددة لها، وإتقان فنون الكتابة وممارستها الفعلية.
ج –كتاب فن التعبير الوظيفي، لخليل عبد الفتاح حماد و خليل محمود نصار
هو كتاب لتعليم الكتابة والتعبير والخطابة.
عالج فيه مؤلفاه أنماط التعبير الوظيفي المشهورة وغير المشهورة، وكذلك التعبير الإبداعي.
وتحدث فيه المؤلفان عن مكانة التعبير بين فروع اللغة العربية وأسسه ومهاراته، وعرضا نماذج منوعة من إبداعات الطلبة في مجال التعبير الإبداعي.
الهدف من الكتاب: مساعدة الطالب في إجادة الكتابة وفق سماتها الحضارية، ومساعدة من أحب التعلم في إجادة كتابة التقارير والخطابات والمقالات وغيرها.
٦ –اشترك في ورشات عمل
إن الانضمام إلى دورات تدريبية أو ورشات عمل في مجال الكتابة الإبداعية فرصة رائعة لتحسين مهاراتك، وهو يسمح لك بالتفاعل مع مدربين ومتدربين آخرين يشاركونك الهواية أو الطموح ذاته، كما يمنحك هذا الاحتكاك بخبرات سابقة في مجال الكتابة الإبداعية، ويمكنك من الحصول على توجيهات وإرشادات مهنية، كما أن المشاركة في تمارين وأنشطة ضمن هذه الدورات أو الورش تزيد من قدراتك في الكتابة والإبداع وابتكار الأفكار.
حتى لو لم تكن هذه الدورات أو الورشات تعطيك شهادات معترف بها ننصحك أن تشارك بها؛ لأنها ستعطيك الخبرة والمعلومة.
ما فوائد تعلم الكتابة الإبداعية؟
إن لتعلم الكتابة الإبداعية فوائد عديدة، سواء على المستوى الشخصي أو المهني وربما الاجتماعي، ومن هذه الفوائد:
١ –تساعدك الكتابة الإبداعية على التعبير عن ذاتك تعبيراً جميلاً ومؤثراً.
٢ –تنمي الخيال والإبداع الفكري لدى الكاتب.
٣ –تزيد المفردات وتصقل الأسلوب وتثري الثقافة اللغوية لديك.
٤ –تسهم في إحداث إصلاح وتغيير في المجتمعات.
٥ –توفر دخلاً مادياً أو شهرة للكاتب.
٦ –تساعدك على تأليف الكتب وبيعها.
٧ –كتابة المقالات أو التدوين عبر الإنترنت.
ختاماً: إذا كنت ترغب في تحسين مهاراتك فعليك اتباع النصائح والإرشادات التي ذكرناه أعلاه؛ فالكتابة الإبداعية فن جميل تستحق منك التعلم.
كن متحمساً ومصراً على التعلم وتحقيق حلمك في أن تصبح كاتباً بارعاً ومتميزاً، ولا تستسلم إن واجهت بعض الصعوبات أو تلقيت نقداً حاداً من أحدهم.
نرجو لك التوفيق في رحلتك الإبداعية.